الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لدي مشكلة مع العادة السرية القبيحة. وبدايتها كانت بشكل بريء جدا، وهو أني كنت أشعر بأني أريد أن أنام وأنا عاري وصادف أن حققت ما أشعر به، فتعريت في إحدى الغرف ونمت وبعد لحظات معدودة بدأت اللعب في ذكري مما جعلني أشعر بسعادة ونشوة وأنا لا أعلم حينها ما قد سيحدث، وحصل ما حصل من خروج المني، ولم أكن أعلم حينها أنه المني الذي درسته بالمتوسطة وأنه لا بد من الغسل بعد خروجه. فلم أغتسل، وكنا حينها في رمضان أو قبله بقليل جدا. كنت بعدها أفعلها بعد كل عشاء جهلا مني وعدم معرفتي ماهو السائل أصلا؟ أو ما حكمه؟ اعتقدت أن حكمه حكم البول. كنت أفعلها أيضا في مكة عندما ذهبت للعمرة مع أقاربي، وعندما عدت من مكة تماديت في فعلها إلى أن كشفني أهلي بسبب الحبوب في وجهي وبسبب ـ عفوا على هذا ـ ملا حظتهم لطول ذكري أثناء النوم. أخبروني حينها ما حكمه؟ وماهو؟ بدأت بعدها أغتسل. والمشكلة أني لا زلت مستمرا في فعلها لفترة ليست بالقصيرة بل بالسنين. الآن لا أفعلها إلا إذا اشتعلت شهوتي جدا.
أرجو مساعدتي وتوجيه النصح والإرشاد لي. وأشعر أني أريد أن أقابل طبيبا نفسيا.
ماذا أفعل بالأسئلة المكدسة لدي؟
ماذا أفعل مع الشهوة؟
ماحكم صلاتي وصيامي وعمرتي عندما كنت أفعل العادة القبيحة جاهلا حكمها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الاستمناء محرم وله أضرار خطيرة جدا، وقد فصلنا ذلك في الفتويين: الأولى برقم: 7170، والثانية برقم: 23868. ولم نحلك عليهما إلا لأنهما صالحتان لكل من أصيب بهذا الداء ولا تخص أيا منهما شخصا دون آخر.

وأما الودي: فهو الماء الذي يخرج عقب البول لمرض أو برد أو حمل ثقيل أو بذل جهد في رياضة أو نحو ذلك، وهو ماء أبيض خاثر – أي ثخين - وحكمه حكم البول لأنه خارج من مخرجه وجار مجراه، وهو نجس وناقض للوضوء ولا تصح الصلاة بعد خروجه إلا بعد إزالته عن الثوب والبدن والوضوء منه، ومن صلى بعد خروجه دون أن يتوضأ أو هو على ثوبه أو بدنه عالما بوجوده فإن عليه إعادة الصلاة، ولو كان يجهل أنه نجس، أو أن وجوده على ثوبه أو بدنه لا يضر. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وَبَطَلَتْ وَلَوْ بِجَهْلٍ بِالْخَبَثْ، أَيْ: بَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِالْخَبَثِ الْمُتَّصِلِ بِبَدَنِهِ أَوْ مَحْمُولِهِ أَوْ مُلَاقِيهِمَا -كَمَا سَيَأْتِي- وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ بِوُجُودِهِ أَوْ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا، لقوله تعالى: وَثِيَابَك فَطَهِّرْ.

وأما خروج الودي حال الصيام فليس من مبطلات الصوم.

وأما الاستمناء في نهار رمضان فإنه مبطل للصيام، ويلزم قضاؤه لأنه ينافي قول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى في الصائم: يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي. متفق عليه.

وكذا قضاء الصلوات التي صليت قبل الاغتسال، واختلف الفقهاء في الاستمناء حالة الإحرام، هل يفسد النسك - سواء كان حجا أو عمرة - أو لا؟ والذي عليه الأكثر أنه لا يفسد النسك، وعلى فاعله شاة عند الأكثر، وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى أن عليه بدنة. قال المرداوي في الانصاف: قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَمْنَى, فَعَلَيْهِ دَمٌ: هَلْ هُوَ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن.... إحْدَاهُمَا: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ .... وَالثَّانِيَةُ: عَلَيْهِ شَاةٌ. انتهى

وتوزع هذه الشاة على فقراء الحرم، وهذا في حالة العلم بأن الاستمناء من محظورات الإحرام، أما في حالة الجهل فلا يلزم به شيء لأنه من قبيل الترفه لا من قبيل الإتلاف، والأول معفو عنه في حالة الجهل أو النسيان.

وفي الأخير فإننا نرحب بك وبأسئلتك كلها، فنحن في خدمتك وخدمة أمثالك من طلاب الخير، فلا تتردد في السؤال عن كل ما أشكل عليك من أمر دينك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني