الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ثواب أعمال البر للعاصي كثوابها للمتقي

السؤال

من صفات الله العدل وعدم النسيان، وسؤالي هو: هل يثاب قارئ القرآن الذي يفرط أحياناً في مواقيت الصلاة فتارة يفرط وتارة يلتزم بمواعيدها، وهل من هذه حالته يكسب نفس مقدار حسنات القارئ الذي يلتزم بالصلاة، أفيدوني رعاكم الله وأبقاكم لنا ذخراً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق مضيعها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59]، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، وفي تفسير ابن كثير عن بعض السلف الصالح أن من إضاعتها تأخيرها عن وقتها وعدم الخشوع فيها وعدم إتقان أركانها وشروطها.

فالواجب على تارك الصلاة أو المتهاون بها المبادرة بالتوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار، والمحافظة على الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها وغير ذلك مع أدائها في المسجد.

وتلاوة القرآن من أفضل الطاعات التي يعظم ثوابها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني.

وهذه الطاعة وغيرها من أعمال البر إذا فعلها المؤمن العاصي يثاب عليها وتقبل منه قبولاً ناقصاً لا يرقى إلى الثواب والقبول بالنسبة للمؤمن المستقيم على شرع الله تعالى المتصف بالتقوى، قال الإمام القرطبي عند تفسير قوله تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ: قال ابن عطية المراد بالتقوى هنا: اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة، فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة، وأما المتقي الشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة. انتهى.

وفي تفسير ابن عاشور المسمى بالتحرير والتنوير: وأفاد قول ابن آدم حصر القبول في أعمال المتقين، فإذا كان المراد من المتقين معناه المعروف شرعاً المحكي بلفظه الدال عليه مراد ابن آدم كان مفاد الحصر أن عمل غير المتقي لا يقبل، فيحتمل أن هذا كان في شريعتهم ثم نسخ في الإسلام بقبول الحسنات من المؤمن وإن لم يكن متقيا في سائر أحواله، ويحتمل أن يراد بالمتقين المخلصون في العمل فيكون عدم القبول أمارة على عدم الإخلاص وفيه إخراج لفظ التقوى عن المتعارف، ويحتمل أن يريد بالتقبل تقبلاً خاصاً وهو التقبل التام الدال عليه احتراق القربان. انتهى.

وعليه؛ فننصح الشخص المذكور بالمحافظة على الصلاة التي هي عمود الدين، ونلفت نظره إلى أهميتها، وأن يبتعد عن المعاصي، ويتصف بالتقوى حتى يكون من المتقين الذين يحظون بالقبول التام من الله تعالى لما يؤدونه من أعمال البر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني