الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إزالة شبهة في بيع العملات وتحويلها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا سؤال حول الأوراق المالية المعتادة اليوم فكما قرأت ودرست وعلمت أن الأوراق المالية تقوم مقام النقدين أي الذهب والفضة. فحسب هذا الاعتبار نقول: تجب الزكاة في الأوراق المالية، كما نقول إنها ربوية يعنى يحتمل أن يكون فيها الربا. فالكتب الفقهية تبين لنا أن الربا لا يكون إلا في النقد والأطعمة المذكورة فيها. أما النقد فهو في الحقيقة الذهب والفضة ونقول الآن "وما يقوم مقامها". نعم! فاذا كنا نعتبر هكذا تظهر لنا عدة مشكلات. وذلك أن الكتب الفقهية تقول شروطا لصحة بيع النقد. فتقول اذا اتحد الجنس (اي اذا كان البيع في ذهب بذهب أو في فضة بفضة) يشترط هناك المماثلة (أن يكونا متساويين في القدر- وزنا فيما يوزن وكيلا فيما يكال وعددا فيما يعد) والحلول (ألا يؤجل في البيع يكون سلما) والتقابض (أن يقبض كل من العاقدين قبل التفرق من المجلس) وتقول إذا اختلف الجنس (بيع الذهب بالفضة) فيشترط التقابض والحلول. فإذا فقد أي واحد من هذه يكون فيه الربا. فهنا بأي معيار نعتبر الأوراق المالية. وعلى كل حال إما تكون بمثابة الذهب أو الفضة. فاذا كان هكذا يكون الربا طول حياتنا. فمثلا أن من يريد شراء حلي الذهب أو الفضة بالدين فنرى فيه ربا. لأنه اذا كانت الأوراق بمثابة الذهب وكانت الحلية ذهبا فكان البيع في متحد الجنس فيشترط الحلول والتقابض واذا كانت الأوراق بمثابة الفضة فكان البيع في مختلف الجنس فأيضا يشترطان. وأيضا عندما يصرف دينار كويتي بريال سعودي يكون الربا. وذلك اذا كان نقد الكويت والسعود بمثابة الذهب أو الفضة يشترط المماثلة في القدر عددا وذلك لا يكون. وربما يفقد التقابض كما أن رجلا امريكيا يرسل إلى صديق له في المملكة مبلغا من الدولار الأمريكي فهناك يكون تبادل في البنك بين الدولار والريال ولا يساويان في القدر عددا ولا يكون التقابض. فاذا كنا نعتبر الأوراق المالية شيئا آخر من غير إقامته مقام النقد فنتخلص من هذه المشاكل ومن المشاكل الربوية المتعلقة بالبنوك. ولكن تلغى الزكاة في الأوراق. فما قولكم في هذا نرجوكم الإفادة بجواب كاف بعون الله في العنوان البريد التالي. وقد كنت قدمت هذا السؤال الى islamiq.com بماليزيا والذي يعنى بالاقتصاد الاسلامي وغيرها من الفكرة الاسلامية وقد وصلني الجواب في هذه الآونة كما يلى، ولكنه لا يغنى من جوع فأرجوكم الاهتمام البالغ في هذا الصدد. جواب islamiq.com : الأخ الكريم ... السلام عليكم ورحمة الله و بركاته رداً على سؤالك حول النقود الورقية، نود تفصيل الحديث وفقاً لما ذهب إليه الفقهاء المعاصرون ومن بينهم الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه القيم فقه الزكاة. إليك تلخيص الجواب في النقاط التالية: (1) تعتبر النقود الورقية (مثل الدينار و الدرهم...) من أنواع النقود الإلزامية التي استمدت قيمتها بالقانون، و القبول العام كأداة للتبادل إبراء الذمة. وهي لم تكن تعرف إلا في العصر الحديث، وتحقق داخل كل دولة ما كانت تحققه النقود المعدنية من الذهب و الفضة من حيث الوفاء بالديون، وشراء السلع و الخدمات. ولم يعد يشترط في النقود الورقية أن يقابلها رصيد معدني من الذهب بالبنك المركزي، وكما لا تلتزم السلطات النقدية صرفها بذهب أو فضة. (2)اعتبر الفقهاء النقود الورقية من الأموال التي تجب فيها الزكاة باعتبار أنها أموال نامية أو قابلة للنمو، وقد اكتسبت قيمتها الوضعية من خلال الاتفاق العام على اتخاذها أثمانا للمقومات، فوجوب الزكاة فيها ثابت بالقياس ويشترط لزكاتها جملة من شروط هي:بلوغ النصاب وهو الحد الأدنى للغني في الشرع، ثم حولان الحول، وفراغ مالكها من الديون، وأن يكون النصاب زائداً عن الحاجات الأصلية (المأكل والملبس و المسكن و العلاج). (3) و كذلك يجري فيها الربا باعتبار كل عملة تمثل جنسا متحداً، فلا يجوز مبادلة ريال سعودي بريالين من جنسه ولكن تجوز مبادلة 3 ريالات سعودية بدينار كويتي أو ب3 جنيهات مصرية. لمزيد من التفصيل راجع الكتب التالية: 1- يوسف القرضاوي (1985) فقه الزكاة : دراسة مقارنة لاحكامها و فلسفتها في ضوء الكتاب و السنة. مؤسسة الرسالة، بيروت. 2- علي السالوس (1990) حكم النقود في الفقه الإسلامي. مكتبة وهبة. القاهرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاعلم ـ حفظك الله تعالى ـ أن الذي عليه جماهير أهل العلم المعاصرين، وهو المقرر في مجامع الفقه الإسلامية أن الأوراق المالية المتداولة بين الناس الآن ملحقة بالنقدين: الذهب والفضة من حيث الأحكام الشرعية سواء بسواء فتجب فيها الزكاة. ويحرم فيها ربا النَّساء مطلقاً، وربا الفضل في العملة الواحدة. وانظر الجواب رقم: 3702
ولا يترتب على إلحاقها بالنقدين أي إشكالات ـ إن شاء الله تعالى ـ وما أشرت إليه من شراء حلي الذهب أو الفضة بالدَّين فهو ممنوع شرعاً، إذا لابد في شراء الذهب أو الفضة بهذه الأوراق أن يحصل التقابض، لما تقرر أن ربا النَّساء محرم مطلقاً بينها وبين بعضها، أو بينها وبين أحد النقدين.
وأما ما أشرت إليه من التفاضل الذي يحصل بين عملتين منها عند شراء بعضها ببعض فهو جائز أيضا، لأن كل عملة منها تعتبر جنساً مستقلاً يجوز التفاضل بينها وبين العملة الأخرى، كما أن التفاضل جائز بين الذهب والفضة عند شراء بعضهما ببعضٍ.
وأما مسألة الحوالة من بلد إلى بلد فلا إشكال فيها أيضاً، وذلك من وجهين: أحدهما أن التقابض حاصل ضمناً بين المرسِل وبين البنك أو شركة الصرافة، إذ الواقع حقيقة أن المرسل اشترى من البنك دولاراً وجاعَلَه (أي فوضه وأعطاه أجرة) على توصيله للمرسَل إليه، والوجه الثاني أن هذه مسألة ضرورة، فيتجاوز فيها ما لا يتجاوز في غيرها.
وبهذا تعلم أن الجواب الذي أرسل إليك، والذي ذكرت ملخصه جواب صحيح. ولعله قد زال ما لديك من إشكال، بما قررنا في جوابنا، وما فيه من اتفاق مع ما ورد إليك من قبل والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني