الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثمرات الإكثار من ذكر الموت

السؤال

أنا شاب متزوج والحمد الله أصلي ولكن أحيانا أتأخر عليها ولكن منذ فترة طويلة وأنا لا أستطيع النوم وأفكر في الموت في كل لحظة وأخاف أن أموت فأستيقظ وأصلي في الليل وكل يوم على هذا الحال فحالتي متدهورة منذ فترة لا أعرف ما العمل لا أعرف معنى الضحك فزوجتي تحاول معي لتغير حياتي ولكن أخاف الله كثيرا حتى في بعض الأوقات أرى التلفاز ثم أتذكر الموت ثم أقوم وأذهب إلى السجادة وأجلس وأقرأ القرآن وأصلي لا أعرف ماذا أفعل إنني أعرف أن الموت حق ولكن كل دقيقة من حياتي أفكر كيف سأموت وأين ؟؟
أريد حلا لحالتي أنني أريد أن أدخل الجنة وأبكي كل يوم لا أعرف ماذا أفعل في حياتي أخاف من كل شيء الآن أفكر أن أستلم راتبي في يدي ولا أريد أن يكون عن طريق البنوك ؟؟
أريد حلا وجزاكم الله ألف خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فتذكر الموت أمر حسن إذا كان ذلك التذكر باعثا على الاستعداد للقاء الله تعالى، ولا ينبغي للمؤمن أن ينزعج من ذلك إذا كانت تلك هي حاله، بل ينبغي أن يكثر من شكر الله تعالى أن أيقظ قلبه من رقاد الغفلة، في حين كثير من الناس في غفلتهم غارقون، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بالإكثار من ذكر الموت، لما يترتب على ذكره من المنافع كالزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة والعمل لها وملازمة الأعمال الصالحة، إلى غير ذلك، ولكن لما ألف الناس الغفلة ظن بعض من نبهه الله منهم أن حالته غير طبيعية، والحقيقة بخلاف ذلك، ومع هذا، ينبغي أن لا يكون ذكر الموت سببا لتعطيل الحياة والتقصير في القيام بالحقوق، بل لا ينبغي أن يكون سببا للتقصير في عمارة الأرض وإصلاح الدنيا بما يوافق شرع الله عز وجل، فكل ذلك من العمل الذي ينفع صاحبه بعد الموت.

ونبشرك بأن خوفك هذا من الله قد يكون سببا في غفران ذنبك ودخولك الجنة، فإن الله لا يجمع على العبد خوفين، فإن خاف العبد الله في الدنيا أمن يوم القيامة بينما الناس خائفون.

ولكن ينبغي أن تحسن الظن بربك، وأن تضم لهذا الخوف الرجاء في رحمة الله، فتستقيم حياتك وتتوازن شخصيتك، فإن العلماء يقولون الخوف والرجاء للمؤمن كالجناحين للطائر، وإن الله امتدح الذين يعبدونه بالخوف والرجاء معا. قال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ {الأنبياء: 90}. وقال أيضا: يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا {السجدة: 16}. وقال سبحانه: أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ {الزمر: 9}.

فلا تغلب جانب الخوف على جانب الرجاء.

كما لا يحملنك خوفك من الموت على أن تربك حياتك فتسيء عشرة أهلك وتضيع من تعول، فإن لأهلك عليك حقا، والله سائلك عنه.

وإن محمدا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم وأعلم الناس بالله وأخوفهم منه كان يؤنس أهله ويضاحكهم ويحسن إليهم.

هذا، وننصحك بأن لا تؤخر الصلاة عن أول وقتها، وأن تجتهد في أدائها مع الجماعة، وانظر الفتويين: 1798، 1415.

وكذلك يجب عليك الإقلاع عن المعاصي، ومن هذه المعاصي النظر إلى ما يحرم النظر إليه في التلفاز من النساء الأجنبيات، وكذلك لا تمكِّن أهلك من النظر إلى الرجال الأجانب، وانظر الفتوى رقم: 6603.

كما نفيدك أنه لا يجوز التعامل مع البنوك الربوية مطلقا، ولو في استلام الراتب، وفي البنوك الإسلامية غنية، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 29433، 16212.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني