الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الوالدين من ارتكاب مخالفات شرعية لا يعد عقوقا

السؤال

أنا إنسانة والحمد لله ملتزمة بصلاتي وصيامي وبجميع فروضي إن شاء الله، مشكلتي والتي تنغص علي فرحة إيماني هي أمي فهي سريعة الغضب والشجار معنا جميعا في البيت وبالرغم من هذا نرضيها ولكن لاترضى إلا إذا نفذنا ماتريده وللأسف ماتريده هي لايقبله العقل ولاالمنطق ولايقبله أي إنسان مؤمن بالله بمعنى تصرفات نحن نشك أحيانا أنها تطلبها وهي في غير وعيها، ومثال على طلباتها أنها تريد أن تمارس أو تذهب للسحرة والمشعوذين ونحن نرفض بالطبع لأن هذا يعتبر شركا والعياذ بالله فتكون النتيجه أنها تغضب وتثور وتدعو علينا بالإضافه أن توقفنا عن إعطائها المال خوفا أن تذهب لهؤلاء السحرة ولكن تبكي وتغضب وتدعو علينا بالإضافه إلى مشاكل كثيرة أخرى وماعرضته عليكم الآن ماهو إلا نقطة في بحر أعلم أنكم ستقولون لي بما معنى الآية الكريمة"وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا"ولكن هناك أشياء أخري غير الشرك تطلبها منا في نظرها أنه عادي لكن نحن أبناؤها والحمد لله معظمنا متدينون وملتزمون لانستطيع أن نقبل بها وغيرها من المشاكل الكثيرة إلى أن وصل الأمر بها أن تلجأ للمحاكم وهي تخبرهم بأننا نعاملها أسوأ معاملة بالاضافة إلى إهانتها وضربها وهذا الكلام بالطبع غير صحيح وبالرغم من كل هذه المشاكل إلا أننا نحن نحاول أن نرضيها لكن دون جدوى كل مانحاول تطلع لنا بقصة ومشكلة جديدة وهي الآن مقاطعة لنا تماما منذ سنة تقريبا بالرغم من وجودها معنا بالمنزل ولكن لاتكلمنا ولانكلمها و تدعو علينا وهذا الشيء يؤثر على نفسيتي بشكل لايوصف لدرجة البكاء أحيانا والحمد لله أني بعقلي إلى الآن ولا أعلم هل هذا يعتبر عقوقا لها وهل سيحاسبنا الله عليها؟ هذا ما يهمني وأتمنى أن لايكون عقوقا أو أن نعاقب بسببها فمجرد التفكير في هذا العقاب أرتعد من الخوف وأبكي بكاء فأتمنى أن أجد الاجابة التي تريحني إن شاء لله من قبلكمللعلم هذه المشكلة بدأت بعد وفاة والدي رحمه الله ولقد لجأنا إلى أقاربنا لحل هذه المشكلة لكن دون جدوى لكن أنا يهمني أن أعلم إن كان هذا عقوقا لها أم لا ومالذي يجب علي أن أفعله اتجاهها قبل ذهابي إلى الحج
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أن بر الوالدين شأنه عظيم، فإنه ثاني أفضل الأعمال بعد الصلاة، وضده وهو العقوق ثاني أكبر الكبائر بعد الشرك. والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدا ليس المقام مقام بسط وتفصيلٍ، والأم مقدمة على الأب في ذلك، فقد خصت بالذكر في الآيات وقدمت على الأب في الأحاديث مثل قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً {الاحقاف: 15}. وفي الحديث المتفق عليه: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من ؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من ؟ قال: ثم أبوك. وجعلت الجنة تحت قدميها، فقد روى النسائي من حديث معاوية بن جاهمة السلمي: أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يار رسول الله أردت أن غزو وقد جئت أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجلها. فعليكم أولا وقبل كل شيء التوبة إلى الله عز وجل من هجرها وعدم تكليمها كل هذه المدة، والاعتذار لها وطلب السماح منها، وفعل كل ما من شأنه أن يرضيها عنكم، ثم لا يضركم بعد ذلك بقاؤها على مقاطعتكم وهجركم ما دام أنكم تفعلون كل ما تستطعيون لإرضائها، ولا تعتبرون عاقين بعد ذلك إن شاء الله، وننبه إلى الأمور التالية: ليس عليكم إثم في عدم طاعتها في معصية الله، بل يجب عليكم عدم طاعتها في ذلك؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما في حديث الصحيحين: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف. 2ـ كل ما ذكرت من تصرفاتها غير المقبولة عقلا وشرعا لا يسقط حقها في البر والإحسان إليها، ولا يسوغ هجرها وقطيعتها. 3ـ نوصيكم بالصبر عليها مراعاة لحقها، كما أن عليكم أن تذكروا أنها قد صبرت عليكم كثيرا في حملها لكم وتربيتكم والسهر عليكم وإبعاد الأذى عنكم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ونحيل على الفتوى رقم:56541. لمزيد من الفائدة

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني