الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم موافقة أهل البدع على سبيل المجاملة

السؤال

إمام مسجد منذ أكثر من 10 سنوات، من أهل الخير حقيقة، يدعو جماعة، ويقرأ الفاتحة بعد السلام، قلنا له بدعة، فقال: أعرف، ولكني أجامل كبار السن وأكسبهم حتى لا يتمادوا، والأمر طال والخطورة هناك جدد للصلاة واعتادوا على الأمر واستمروا عليه. فهل هناك مبرر شرعي للمجاملة في البدعة على حساب السنة؟ لا نريد من الفاتحة أن تكون سبباً لخلافنا، لكن هذه صلاة جماعة وشعائر لا بد منها.
جوابكم عساه أن يكون سبباً في الأمر إلى الخير، على الأقل يتركها بالتدريج مثلاً، لكن بهذه الطريقة نريد السنة أن تنتصر ولو كان على حساب من يغضب، وسدد الله خطاكم، ووفقكم إلى الدليل والمنهج والعمل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن أصدرنا فتاوى في حكم الدعاء الجماعي والذكر الجماعي فليرجع إليها في: 8381، 26399، 54717.

وكذلك سبق أن بينا حكم الفاتحة بعد السلام في الفتوى: 31664، ثم إنه لا يجوز موافقة أهل البدع في بدعهم على سبيل المجاملة ، وقد حذر الله تعالى من موافقة أهل الباطل في أعمالهم، فقال تعالى: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ {القلم:9}.

وروى الطبري في تفسيره عن ابن عباس أن معناه: لو ترخص لهم فيرخصون. اهـ.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضى الله كفاه الله مؤونة الناس. رواه الترمذي. وصححه الألباني.

قال المناوي في فيض القدير: أي لما رضي لنفسه بولاية من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً وكله إليه، ومن أسخط الناس برضى الله ..، لأنه جعل نفسه من حزب الله ولا يخيب من التجأ إليه، أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. اهـ.

فالواجب على هذا الإمام اتباع سبيل المؤمنين من أهل السنة، واجتناب طريق أهل البدع والمحدثات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث العرباض بن سارية. وقال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر: 7}.

فلا يشاركهم في بدعهم، وينصحهم بالتي هي أحسن، وليعتصم بالله، وليصبر وليحتسب، قال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ {لقمان: 17}. وقال تعالى: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ {الحج: 40}.

وكذلك ينقل إلى المصلين كلام أهل العلم المعروفين لديهم، ويمكنه الاستعانة بفتاوى الشبكة في هذا الأمر.

كما ينبغي لكم بذل النصح لهذا الإمام ولهؤلاء المصلين بالحكمة والموعظة الحسنة، وعالجوا الأمر برفق حتى لا تحصل فتنة أعظم ضرراً مما هم عليه الآن، فالموازنة بين المصالح والمفاسد أمر مطلوب من الداعية الحاذق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني