الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتحار خوفا من الوقوع في الفتن أو إرهاق الوالدين

السؤال

في البداية فإني أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع و هذه الخدمة الرائعة التي نرجو أن ينفع الله بها عامة المسلمين.في الحقيقة فإن سؤالي يتلخص في الكلمات الآتية حيث إنني أعاني منذ سنوات من مصاعب في دراستي ووالدي قد بذلا كل ما بوسعهما من أجل أن أتمكن من النجاح في دراستي وبفضل من الله فلم يتبق لي إلا سنتان لأنهي دراستي الجامعية ولكن ومع هذا فإني مهدد في أي لحظة بالرسوب بسبب ما يسمى بالأمراض النفسية فمرضي النفسي لا يجعلني أمارس حياتي بشكل طبيعي والمشكلة ليست في ذلك ولكن في دراستي حيث إن هذا المرض يهدد دراستي و هذا أكثر ما يخيف والدي ولذلك فقد قاما بعرضي على خمسة أطباء نفسيين على مدى ست سنوات حتى الآن ولكن حالتي تزداد سوءا يوما بعد يوم حتى أن الأمر قد وصل بي إلى التفكير بالانتحار وسألت والدي هل أدخل الجنة إذا فعلت ذلك فأجابني بحديث الرسول الكريم (صلى الله عليه و سلم): "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده في نار جهنم يجأ بها بطنه خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن تردى في جبل فإنه يتردى في جهنم خالداً مخلداً فيها" رواه البخاري، أي أنه لا يجوز لي أن أقتل نفسي هروبا من ألم أو من مشاكل نفسية أو اجتماعية وهنا جزمت بأن الحياة في دنيا تملؤها المشاكل أهون من نار الآخرة.ولكن في الأيام الأخيرة لاحظت أن هناك نوعا غريبا من الوساوس بدأ يراودني، إنها وساوس تتمحور حول الشك في ثوابت العقيدة و الدين ورغم أني أقاومها مقاومة شديدة و أستغفر الله منها دائما إلا أنني أحس بأن الأمر إذا استمر هكذا فإني سأجن أو سأخسر ديني لا قدر الله.وهنا يتمحور السؤال،هل يصح لي أن أنتحر في هذه الحالة لو خفت على إسلامي من الكفر حيث إن الموت على الإيمان أفضل من أن أعيش كافرا و نجاة بديني من عصر الفتن الذي يتفنن فيه أعداء الإسلام في إثارة الشبهات حوله لتشكيك المسلمين في دينهم و إخراجهم منه؟و رغم أني أعلم أن هذا ليس مبررا للانتحار، حيث إنه يجب على المسلمين أن يجاهدوا ويتحملوا حتى يتحقق النصر الذي وعد الله به، ولكن هناك من الضعاف من لا يصبرون و يخافون على دينهم، فهل يصح لهم الانتحار في هذه الحالة؟ وهل يصح أن يقتل شخص نفسه إذا كان يمثل عبئا يثقل كاهل والديه أو من يتولى أمره مثلا حتى لا يعانوا بسببه؟ ونشكركم لسعة صدركم و نرجو من الله أن يسددكم لما فيه خير و مصلحة المسلمين.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا ننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه في أوقات الاجابة، وسؤاله بأسمائه الحسنى ليكشف مابك فهو مجيب دعوة المضطرين، وكاشف كرب المكروبين ومغيث الملهوفين، قال الله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}. وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}. وفي الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: يستجاب لأحدكم مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم، مالم يستعجل. واعلم أن الانتحار محرم في كل الأحوال، ولايبرره خوف الوقوع في الفتن، ولا إرهاق الوالدين بالتربية، بل الواجب دفع الوساوس بالتلهي عنها وصرف القلب عنها بشغله فيما يفيد، ومن أهم ما يساعد في ذلك ملء الوقت ببرنامج مفيد ممتع يشد القلب، والترويح في بعض الأحيان بقراءة كتب الفضائل وكتب السير، أو بعض الألعاب المفيدة، وعدم الانفراد عن الناس، بل يصاحب الإنسان صحبة فاضلة تعينه على دينه، وتشجعه للمواصلة في دراسته وتنشطه عند الكسل. وأما إرهاق الوالدين فليس مبررا للانتحار لأن رزق العبد على الله، وقد تعهد به وكتبه له وهو في رحم أمه. وراجع الفتاوى التالية أرقامها للمزيد من التحذير والترهيب من الانتحار ولعلاج الوساوس والأدعية المفيدة في علاج ما بك: 3086، 45147 ، 51610، 27048 ، 5249 ، 45101 ،54026 ، 55390.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني