الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفقة الأب أولى أم قضاء الدين؟

السؤال

هل الدين مقدم على نفقة الأب المحتاج أم العكس؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الولد المليء تجب عليه نفقة والده المحتاج بالإجماع، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. وذكر ذلك أيضاً ابن نجيم وابن المنير وغيرهما.

ومستند هذا الإجماع هو ما رواه البيهقي في سننه وابن ماجه وصححه الألباني من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله؟ إن لي مالاً وولدا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، قال: أنت ومالك لأبيك. وفي رواية: إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم. قال السيوطي معقباً: وهذا يدل على أن النفقة واجبة على الموسر ولو صغيراً.

وقال الشوكاني: فيدل ذلك على أن الرجل مشارك لولده في ماله....

هذا في حالة ما إذا كان الولد موسراً، وأما إن كان معسراً وكسبه لا يفضل عن نفقته، وأبوه زَمِن فعليه أن يضمه إلى نفسه، ويطعمه مما يطعم، ويلبسه مما يلبس.

وكذا إذا كان له مال وعليه دين، فإن نفقة الأب المحتاج مقدمة على قضاء الدين، لأن الإنفاق لا يحتمل التأخير والتأجيل كالدين، قاله أبو يوسف، ولأنه حينئذ يكون في حكم المعسر فيجب إنظاره لميسرة، كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}.

إلا أنه يجب أن تكون نفقته حينئذ منضبطة في حدود الضروري والحاجي، وأما الكماليات والتحسينيات فلا، إذ هي نافلة (ولا يتنفل من عليه القضاء) كما يقول أهل العلم.

وإذا أنفق الولد على والده وترضاه فلعله أن يدعو له، ودعوة الوالد لولده لا ترد؛ لما أخرجه ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. حسنه الألباني.

فيفتح الله بسبب تلك الدعوة من رحماته وبركاته وألطافه ما يتيسر به الحال، ويذهب به الضيق والكلال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني