الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا بأس في تناول الأسباب المشروعة في خطبة الزوج

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، أكملت دراستي الجامعية ملتزمة والحمد لله وأعمل في أحد البنوك في بلدي، أنا من عائلة محترمة ونراعي حدود الله في كل شيء والحمد لله. أرسل لكم بهذه الأسئلة وذلك بعد أن سمعت محاضرة في قناة اقرأ عن الزواج ورفض الآباء للشباب الذين يتقدمون لبناتهم فأنا تقدم لي عدد من الشبان ولكن والداي كانوا يرفضونهم وذلك بسبب أخلاقهم بعد السؤال عنهم أو أسباب لم يرض عنها والداي وأنا بدوري كنت أقتنع برأيهم... وقبل ثلاث سنوات خطبت لأخ جارتنا وقد كان يكبرني بـ 10 سنوات، وكان يعمل في إحدى الدول العربية، ولكن علمنا في فترة الخطوبة بأنه يشرب الخمر ولديه علاقات محرمة فقام والدي بفسخ الخطوبة بعد أن طلبت أنا ذلك لخوفي من عدم قدرتي على العيش مع ذلك الرجل، وسؤالي هو: هل رفضنا للذين يتقدمون لي معناه أنني محاسبة على ذلك بالرغم من وجود أسباب تمنعني من الموافقة على الزواج منهم؟ وسؤالي الثاني وهو يخص نفس الموضوع وهو: أن شابا من جيراننا ويصغرني بحوالي سنتين أو ثلاث سنوات يحاول التقرب مني بطرق عديدة تأكدت من خلالها بأنه جاد في مشاعره، ولكنني لا أسمح له بالاقتراب لأنني ملتزمة جداً في علاقاتي مع الشباب ولفارق السن بيننا، علماً بأن الموضوع استمر على هذا الحال لأكثر من سنة ونصف دون انقطاع حتى الآن لدرجة أنني لم أعد أمشي في نفس الشارع الذي يمشي هو فيه رغم أنه نفس شارعنا، أنا أحترم ذلك الشاب واقدره كثيرا لأنه من عائلة محترمة وأشعر بأنه يريد التقدم لي ولكنه يخاف من فارق السن بيننا ومن رفض والداي له ومن أن أرفضه بسبب أسلوبي في التهرب منه وعندما أخبرت أمي بذلك قالت إن السن لا يهم مادامت أخلاقه معروفة ونيته سليمة وعلي أن ألتزم طريقتي معه وإذا أراد أن يتقدم لي فلا مانع لديها، والسؤال هو: هل أسلوبي غير المشجع حفاظاً على كرامتي عمل منطقي، لخوفي على نفسي من الوقوع في علاقة لا تنتهي بخير، وهل النصيب يحكم في هذه الأمور حتى دون أن أتدخل أنا في أي من العلاقات فلا داعي للقلق وأستمر على التزامي والتوكل على الله في هذا الموضوع، هذه هي الأسئلة التي تقلقني؟ وجزاكم الله كل الخير على الإجابة عليها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما بشأن رفضك لمن يتقدم لخطبتك من الشباب لعدم كفاءتهم في الدين والخلق فلا تحاسبين عليه بل هو المطلوب منك ومن وليك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. قالها ثلاث مرات. رواه الترمذي. ففهم من الحديث أن من لم يكن مرضي الدين والخلق لا ينكح إذا خطب.

وأما بشأن هذا الشاب الذي يحاول التقرب منك فكما قالت لك أمك ففارق السن لا يضر، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها وكان تكبره بأكثر من هذا، وعليك بالاستمرار على أسلوبك المذكور في التعامل معه ومع غيره، واعلمي أن هذا الأسلوب خير للفتاة، وذلك أن من حولها أحد رجلين: إما صاحب نية سيئة فهو كذئب يتربص بها لينهش عفتها ثم يرميها، وإما صاحب نية سليمة ويريدها زوجة بما أحل الله. فأسلوبها الشديد والحذر من الرجال يصرف عنها الأول بحيث ييئس منها، ويجذب إليها الثاني حيث يحترمها ويرى أنها تصلح أن تكون زوجة لما يرى من عفتها واحتشامها، والعكس بالعكس، ومن كانت نيته الحلال فطريقه معروف.

وأما عن سؤالك هل النصيب يحكم في هذه الأمور دون تدخل منك؟ فالزواج كغيره من أفعال العبد مخلوقة لله مقدرة مكتوبة سبق بها علمه سبحانه وكتبها له قبل أن يخلق، وهذا معنى الإيمان بالقضاء والقدر، الركن السادس من أركان الإيمان، فلا داعي للقلق من هذا الموضوع وغيره فإن كل شيء بقضاء، ولكن هذا لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب المشروعة، ونقول المشروعة وليس المحرمة، ومن هذه الوسائل ما كان بعض السلف رضي الله عنهم يفعله من عرض ابنته على من يراه يصلح زوجا لها، وقصة عمر معروفة في عرضه حفصة لكل من أبي بكر وعثمان، وإن كان هذا غير ممكن عادة في بيئتك فهناك وسائل أخرى كقيام الأم مثلاً بالتعرف على أم الشاب ومعرفة نواياه تجاهك، والله نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني