الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من الأمارات الدالة على صدق التوبة

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر24 عاما والتزمت منذ 4سنوات يقلقني جدا علامة بجسدي من أثر ذنب كنت قد فعلته في جاهليتي والعجيب أن مثل هذه العلامات تزول بعد أيام قليلة من حدوثها إلا أن هذه العلامة مستمرة منذ 6 سنوات تقريبا، إني أخشى أن ألقى الله تعالى بها وأشعر أن وجودها واستمرارها الغريب رسالة من الله وكأنه لم يقبل توبتي وكلما رأيتها اشعر كأنها تقول لي لن أزول حتى نقف أمام الله وأشهد عليك
فهل ظني في أن وجودها يعني عدم قبول التوبة صحيح؟ وهل هناك دعاء أو رقية أو أي وسيلة أستعين بها على زوال هذه العلامة؟ علما بأني قد تبت ولم أعد للذنوب وتصدقت وفعلت كل ما أعرفه من أسباب لقبول التوبة، ولدي مشكلة أخرى وهي أنني لا استطيع مخالطة الناس لأني مفتونة جدا بالرجال ولدي شهوة عالية جدا إلى درجة أنها تسبب لي أمراضا أعالجها عند الأطباء وأنا متماسكة فقط بفضل الله وحده هو الذي يثبتني على عدم اقتراف المعاصي وقد أخذت أيضا بكل الأسباب التي أعرفها من الكتاب والسنة ومع ذلك أعاني، وطلبت من الأطباء تناول المهدئات ولكنهم أخبروني أن لها أثار جانبية تضر وبالتالي تعد محرمة فماذا أفعل اشعر أن كل هذه عقوبات على ذنوبي الماضية

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه من المعلوم أن الله جل وعلا قد شرع لعباده التوبة والإنابة إليه وحثهم عليها ورغبهم فيها ووعد التائب بالرحمة والغفران مهما بلغت ذنوبه، فمن جملة ذلك قوله جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ {الزمر: 52-53}. وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ.{البقرة: 222}. وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" رواه ابن ماجه وغيره.

والتائب لا يكون تائبا حقا إلا إذا توفرت في توبته خمسة شروط:

الشرط الأول: الإخلاص ـ وهو أن يقصد بتوبته وجه الله عز وجل.

الثاني: الإقلاع عن الذنب.

الثالث: الندم على فعله.

الرابع: العزم على عدم الرجوع إليه.

الخامس: أن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلى حال الغرغرة عند الموت.

والعبد إذا تاب ، فينبغي له أن يحسن الظن بوعد الله له بقبول توبته فهو التواب الرحيم، وعليه أن يحذر من أن الشيطان قد يخيل إليه أن توبته قد لا تكون مقبولة، واعلمي أنه لا أثر لبقاء تلك العلامة على قبول التوبة.

والله سبحانه وتعالى قريب مجيب لمن دعاه كما قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}. وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60].

ومن أمارات صدق توبة العبد أن يجد حرقة في قلبه على ما فرط منه في جنب الله، وأن ينظر لنفسه بعين التقصير في حق الله الجليل، وأن يكون أشد تجافيا عن الذنب وعن أسبابه، نائيا بنفسه عن هذه الموارد، وأن يميل إلى الإقبال على ربه ومولاه، وأن يصاحب أهل الفضل والخير ويقاطع أصدقاء السوء ومن لا خير فيهم، وأن ينظر إلى توفيق الله له بالتوبة على أنه نعمة عظيمة من أعظم النعم عليه، فيفرح بها ويحافظ عليها ويخاف زوالها، ويخشى عقوبة نكثها.

ولك أن تراجعي فيما ذكرته عن نفسك من قوة الشهوة فتوانا رقم: 58047.

وليس ثمت دعاء خاص أو رقية لإزالة العلامة التي ذكرت، ولكن للمسلم أن يدعو بما شاء مما أحب ولو لم يرد مضمونه صريحا في الأدعية المأثورة، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم، ثم إن عليك أن تعرضي نفسك على بعض الرجال الصالحين ليتزوجوك، وليكن ذلك عبر أحد محارمك أو إحدى صديقاتك فتخبر زوجها برغبتك في الزواج من رجل صالح يسترك وتستقرين معه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني