الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من ضلالات الصوفية: اعتقاد العصمة لبعض مشايخهم

السؤال

يتبع بعض الصوفية في بلادنا شيخا يعتقدون أنه محفوظ ( أي حفظه الله من الخطإ ) و يقولون إن له علما ورثه بسند صحيح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم. ما حكم من يتبع هذا المذهب. أفتونا مأجورين إن شاء الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق لنا بيان ما تشتمل عليه الطرق الصوفية المعاصرة من بدع وانحرافات بل وشركيات كثيرة، فراجع الفتاوى التالية: 27699، 8500 ، 596. ومن هذه الانحرافات ادعاؤهم العصمة لمشايخهم، وهذا مخالف لإجماع المسليمن من أن العصمة لا تكون إلا للأنبياء عليهم السلام، وأما من دونهم كأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فليسوا بمعصومين إجماعا فضلا عمن دونهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والأولياء وإن كان فيهم محدثون كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه قد كان في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر. فهذا الحديث يدل على أن أول المحدثين في هذه الأمة عمر، وأبو بكر أفضل منه إذ هو الصديق، فالمحدث وإن كان يلهم ويحدث من جهة الله تعالى فعليه أن يعرض ذلك على الكتاب والسنة فإنه ليس بمعصوم كما قال أبو الحسن الشاذلي: قد ضمنت لنا العصمة فيما جاء به الكتاب والسنة، ولم تضمن لنا العصمة في الكشوف والإلهام. ولهذا كان عمر بن الخطاب وقافا عند كتاب الله، وكان أبو بكر الصديق يبين له أشياء تخالف ما يقع له كما بين له يوم الحديبية ويوم موت النبي صلى الله عليه وسلم ويوم قتال ما نعي الزكاة وغير ذلك، وكان عمر يشاور الصحابة فتارة يرجع إليهم وتارة يرجعون إليه.. وكان يأخذ بعض السنة عمن هو دونه في قضايا متعددة، وكان يقول القول فيقال له : أصبت، فيقول: والله ما يدري عمر أصاب الحق أم أخطأه، فإذا كان هذا إمام المحدثين، فكل ذي قلب يحدثه قلبه عن ربه إلى يوم القيامة هو دون عمر، فليس فيهم معصوم، بل الخطأ يجوزعليهم كلهم، وإن كان طائفة تدعي أن الولي محفوظ، وهو نظير ما يثبت للأنبياء من العصمة، والحكيم الترمذي قد أشار إلى هذا، فهذا باطل مخالف للسنة والإجماع، ولهذا اتفق المسلمون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: انتهى كلام شيخ الإسلام وهو كلام عظيم القدر، فأمعن النظر فيه. وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله لنا الدين وأتم علينا النعمة بقوله عز وجل: ِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً {المائدة: 3}. وبموته صلى الله عليه وسلم انقطع عن الدنيا وعن اتصاله بالخلق، فمن ادعى أن له صلة به صلى الله عليه وسلم أو أنه يجالسه أو يأخذ عنه العلم أو يتلقى منه الأوامر فقد افترى إثما مبينا وكذب على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال شيخ الإسلام في موضع آخر: ومنهم من يرى أشخاصا في اليقظة يدعي أحدهم أنه نبي أو صديق أو شيخ من الصالحين وقد جرى هذا لغير واحد، ومنهم من يرى في منامه أن بعض الأكابر، إما الصديق رضي الله عنه أوغيره، قد قص شعره أو حلقه أو ألبسه طاقيته أو ثوبه، فيصبح وعلى رأسه طاقية وشعره محلوق أو مقصر، وإنما الجن قد حلقوا شعره أو قصروه، وهذه الأحوال الشيطانية تحصل لمن خرج عن الكتاب والسنة. ولمعرفة الفرق بين الولي ومدعي الولاية راجع الفتوى رقم: 4445 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني