الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لحيران بين أمه وزوجته

السؤال

أنا شاب وحيد وأطيع والدتي في كل الأمور صغيرها وكبيرها, منذ الصغر وأمي هي التي تختار لي كل شيء, ملابسي, غرفة نومي, كل شيء حتى زوجتي التي أكرهها حاليا دون أن يكون لها سبب في ذلك.
المشكلة أنني حين قررت الزواج طلبت من أمي أن أتزوج أحد قريباتي التي أعجبت بها من أيام الجامعة فرفضت رفضا قاطعا, وتكررت المشكلة مع كل من تقدمت لطلبها بحجة أنها غير مناسبة لي, فعرفت ضمنيا أنها لا ترغب بتزويجي حتى لا أتركها وحيدة. و بعد فترة فوجئت بأن أمي قالت لي إنها وجدت العروس المناسبة لي و أنها كنة المستقبل فقد أحبتها أمي من أول نظرة بعد أن التقت بها في إحدى المناسبات الاجتماعية, عندما زرت الفتاة وجدتها بنظري عادية ولم يلهف لها قلبي, لكن أمي قالت لي إنها زوجة مناسبة لي و قالت إن الحب يأتي بعد الزواج و قالت إذا أردت أن أرضى عنك في الدنيا والآخرة فعليك أن تتزوج هذه الفتاة, ولأنني لا أعصي لأمي طلبا و بعد الكثير من المناقشة والجدال قررت الزواج من هذه الفتاة طمعا برضى الوالدة و أن تكون الزوجة التي ستسكن مع أمي من اختيارها حتى لا تحملني مستقبلا نتيجة اختياري.
تزوجت من هذه الفتاة و سكنت مع أمي وهنا بدأت المشاكل التي كنت لا أتوقعها, أصبحت أمي وزوجتي على خلاف دائم بسبب حاجات بسيطة مثل طريقة ترتيب المنزل أو نوع الطعام المطلوب او استخدام سيارة المنزل والمصروف وما شابه, أحيانا حين يحتد النقاش بين أمي وزوجتي أقول لأمي شاكيا: ألست أنت التي اخترتها لي, سامحك الله على هذه النصيحة. أمي تحب أن تشتري كل شيء على ذوقها حتى ملابس زوجتي لا تعجبها إلا إذا ذهبت هي إلى السوق مع زوجتي لتختارها لها, زوجتي بالمقابل أصبحت عنيدة صعبة المراس تعتبر كل ما يصدر عن حماتها هو نوع من الإهانة ولو كان من قبيل النصح و المساعدة.
أصبحت حياتي لا تطاق فأنا ظاهريا شاب متزن لا أخالف لأمي طلبا, ولكنني داخليا أعيش صراعا يدفعني للجنون, والمفاجأة الكبرى أن أمي و بعد فترة سنة من هذا الزواج طلبت مني أن أترك منزلها وأسكن مع زوجتي لوحدنا في منزل مستقل تملكه هي وذلك تجنبا للمشاكل التي أصبحت غير قابلة للحل.
تركت بيت أمي مع زوجتي و سكنت بعيدا لأجد نفسي وحيدا تزوجت الإنسانة التي لا أحب دون أن يكون لها ذنب في ذلك, وتركت أمي وحيدة دون أي ذنب تعاني آلام الفراق.
كرهت زوجتي لأنها هي التي فرقتني عن أمي, كما أنني وضعت اللوم على أمي (بشكل باطن جدا) لأنها اختارت لي زوجة حسب رغبتها لا رغبتي و رغم ذلك حملتني النتائج وحدي.
عندي بنتان جميلتان وذكيتان و عملي جيد والحمد لله و لكني لا أشعر بالسعادة مطلقا, حياتي أصبحت جحيما وخصوصا مع إصرار أمي على أن أقوم بزيارتها وحدي مع بناتي دون النوم عندها وفي حال رغبت النوم في منزلها فلتذهب زوجتي لعند أهلها لأنها لا تريدها أن تنام في منزلها. حتى حين تزورني أمي أبقى مكتئبا حزينا مترقبا لتنيجة الزيارة لأنها دائما بعد كل زيارة تقول لي زوجتك لا تعرف أصول اللباقة, لا تعرف كيف تحترم الكبار, طعامها غير جيد, مستهترة, لا تحترمك و لا تقدر قيمتك, أنت جوهرة ولكنك خسارة فيها ..... وبالمقابل زوجتي تقول لي هل رأيت أمك كيف نظرت لزوايا المنزل لتفحص الغبار, هل رأيت كيف وضعت يدها على الملاءات لتتأكد من نظافتي, هل شاهدتها و هي تتأكد من ترتيب البراد والمطبخ وتشم رائحة الثلاجة.
أفكر جدا بطلاق زوجتي التي لم أحبها يوما وهي مظلومة معي وبالمقابل أخشى على هاتين الطفلتين المسكينتين العيش دون رعاية الأب وخصوصا أن أهل زوجتي من النوع الذي لايعتمد عليهم أبدا.
هل أخسر أمي أو زوجتي أم حياتي التي أصبحت جحيما لايطاق, رغم أنني في ساعة غضب قلت لزوجتي حيت نتاقشنا في وضعنا:
لا يستطيع الرجل أن يبدل أمه و لكنه يستطيع أن يبدل زوجته ببساطة اذا كان لا يعجبك الحال فاذهبي لعند أهلك, قلت لها بشكل صريح إن حظي الأسود هو الذي جمعني معها, ثم ندمت على هذا الكلام لقسوته واستغفرت الله لظلمي لها. و هي دائما تقول لي إنك لا تحبني و أنني تزوجتها بناء على رغبة أمي التي شعرت بها من أول أيام الخطبة.
وصلت لحافة الانهيار مرات عديدة و لكني تماسكت, أصبحت أرى كل شيء أسود, صرت أكره النساء بشكل عام, أحيانا أفكر جديا بالسفر إلى أي بلد بعيد و الاستقرار فيه هربا من واقعي وبعيدا عن أمي وزوجتي اللتين ليس لهما معيل في هذه الدنيا سواي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على طاعتك لأمك ، ولن يضيعك الله أبدا ، ولكن أخي الكريم نرى أنك قد بالغت في المسألة مبالغة لا تنبغي، والأمر أهون من ذلك، وسننصحك بأمور:

أولها: أن تحافظ وتجتهد في طاعة أمك فإنها باب لك إلى الجنة كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

ثانيها: أن تحفظ لزوجتك حقها ، فإن لها حقا واجبا عليك ألا وهو إحسان العشرة والكلمة الطيبة إضافة إلى النفقة والكسوة والمسكن والمبيت.

ثالثها: نرى أن تتريث في الحكم على الحياة الزوجية ، فنخشى أن يكون قرارك نتيجة لظروف وملابسات آنية، واعلم أن ما حدث بينك وبين زوجتك ليس سببه عدم وجود المحبة من أول الزواج، فقد تختار لنفسك زوجة تحبها ثم يكون بينك وبينها أشد مما وقع بينك وبين هذه المرأة ، ونذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر أو قال غيره . رواه مسلم

رابعها : ما يبدر من أمك من كلام تجاه زوجتك لا تقم له اعتبارا ، فأنت أدرى بزوجتك ، وليس من طاعة أمك أن تفتح لها أذنك لتفسد عليك بيتك بحسن نية أو بغير ذلك، وكذلك ليس من الطاعة الواجبة طاعتها إذا أمرتك بطلاق زوجتك .

خامسها : إن كنت ترى أن أم أولادك لا تكفيك ولا تشبع مشاعرك ، فيمكنك الزواج بثانية إن كنت قادرا على النفقة والمعاشرة والعدل بين زوجاتك . والله نسأل أن يوفقك للخير والصلاح .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني