الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيع الوكيل ما وكل على بيعه لنفسه

السؤال

نحن ثلاثة أصدقاء كل واحد منا يملك مبلغ 5000 جنيه وأردنا أن نقوم بمشروع لنقل البضائع بين القرى فقررنا شراء سيارة نقل، ولكن سعرها كان غالياً، وكان لي عم قد أعطاني مبلغ 30000 جنيه، ووكلني بتشغيله في أي مشروع أراه ناجحاً فاتفقت معهم على شراء السيارة فذهبنا سويا إلى معرض السيارات وقمت بدفع مبلغ 45000 جنيه ثمناً لها وقمت بكتابة عقد تمليك السيارة باسم أحد الثلاثة لأنه مفترض أنه من سيقوم بالقيادة، وبعدها بأسبوع اجتمعنا سوياً واتفقنا على أنني سأقوم ببيع السيارة لنا نحن الثلاثة بمبلغ 51000 بالتقسيط على 24 شهر، وكتبت كمبيالات على كل واحد منا بمبلغ 12000 جنيه، لصالح عمي السالف الذكر وبدأنا المشروع وفي بداية كل شهر نقوم بسداد مبلغ 1500 جنيه لعمي السالف الذكر، فهل هناك من إشكالية في هذه المعاملة المالية، أو أي شبهة من الحرام، وإن كانت هناك حرمة فيها فما هو المخرج المناسب بحيث لا يقع بالضرر على أحد، فأفيدونا يرحمكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فملخص ما كتبته في سؤالك هو أن عمك قد وكلك على تشغيل مبلغ من المال، وأنك شاركت بهذا المبلغ في شراء سيارة ثلاثة أشخاص أنت واحد منهم، وحسب المبالغ يتبين أن لكل من الثلاثة سهما ولعمك ستة أسهم، ثم إنك بعت أسهم عمك لنفسك ولشريكيك، وبيعك أسهم موكلك ليس فيه من حرج لدخوله في عموم قول الله عز وجل: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275}.

ولكن بما أنك أنت أحد المشترين، فإن أهل العلم قيدوا إباحة بيع الشخص لنفسه ما وكل على بيعه، بأن يكون الموكل آذنا في ذلك أو تتناهى الرغبات في المبيع لئلا يحابي الوكيل نفسه، ففي الدردير عند قول خليل في باب الوكالة: وبيعه لنفسه ومجوره، قال: (و) منع (بيعه) أو الوكيل فهو مصدر مضاف لفاعله (لنفسه) ما وكل على بيعه ولو سمى له الثمن، لاحتمال الرغبة فيه بأكثر، ما لم يكن بعد تناهي الرغبات فيه أو لم يأذن له ربه في البيع لنفسه وإلا جاز. وقال الدسوقي معلقاً: (قوله ما لم يكن إلخ) هذا قيد في منع بيع الوكيل لنفسه.

وحاصله أن المنع مقيد بما إذا لم يكن شراؤه بعد تناهي الرغبات وبما إذا لم يأذن له ربه في البيع لنفسه، فإن اشترى الوكيل لنفسه بعد تناهي الرغبات أو أذن له الموكل في شرائه لنفسه جاز شراؤه حينئذ ومثل إذنه له في شرائه ما لو اشتراه بحضرة ربه. انتهى.

وعليه فإذا كان موكلك راضياً ببيعك لنفسك -كما هو متبادر من السؤال- أو تناهت الرغبات في السيارة، فلا شيء فيما فعلتموه، بل هو بيع جائز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني