الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثواب تحمل الشخص للعار الاجتماعي

السؤال

هل يؤجر المؤمن في تعرضه للعار الاجتماعي جراء كبيرة ارتكبها أحد المقربين إليه مثل أخوه أو أخته (الزنا مثلا)؟شكر الله لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن تعرض المرء لما يؤذيه في ماله أو بدنه أو عرضه فيه حط للخطيئات أو رفع للدرجات، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة منها ما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله عز وجل عنه حتى الشوكة يشاكها,. وجاءت كلمة مصيبة هنا نكرة في سياق النفي لتعم كل مصيبة تلم بالمؤمن وإن صغرت.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به سيئاته.

ويقول صلى الله عليه وسلم: يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة اشتد البلاء، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يعيش على الأرض ما عليه خطيئة. رواه أحمد وصححه الألباني.

وما يحصل للمرء من اتهام في عرضه أو عرض من يعيَّر بهم نوع من الابتلاء الذي يؤجر عليه المؤمن إذا احتسب وحسنت نيته، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتلي في عرضه الطاهر البريء حينما تكلم المنافقون في أمنا عائشة رضي الله عنها حتى برأها الله من فوق سبع سموات.

وقد دل على هذا مباشرة الحديث الطويل المروي في الصحيحين وفي مسند أحمد واللفظ له عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وبينما امرأة في حجرها ابن لها ترضعه إذ مر بها راكب ذو شارة، فقالت: اللهم اجعل ابني مثل هذا، قال: فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال: اللهم لا تجعلني مثله، قال: ثم عاد إلى ثديها يمصه. قال أبو هريرة رضي الله عنه: فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي علي صنيع الصبي ووضعه أصبعه في فمه يمصها. ثم مر بأمة تضرب، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثلها. قال: فترك ثديها وأقبل على أمه فقال: اللهم اجعلني مثلها يا أماه. قال: فذلك حين تراجعا الحديث، فقال: حَلْقَى، مر الراكب ذو الشارة فقلت: اللهم اجعل ابني مثله، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله, ومر بهذه الأمة، فقلت: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فقلت: اللهم اجعلني مثلها. فقال: يا أماه إن الراكب ذو الشارة جبار من الجبابرة, وإن هذه الأمة يقولون: زنت ولم تزن, وسرقت ولم تسرق, وهي تقول: حسبي الله.

وهذا الحديث وأشباهه وإن كان نصا في ثواب الصابر المظلوم إلا أن عموم نصوص أخرى تدل على أن للصبر عموما ثواب ولو كان المبتلى عاصيا إذا تاب من معصيته وأقلع عنها، ومنها ما ذكرناه في صدر الجواب. وعلى كلٍ؛ فقد ذكرت في السؤال أن الأمر لم يصدر منك وإنما قد يصدر من أحد أقاربك فيكون لك الأجر على تحمل آلام المصيبة على كل حال. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13270 ، 19810، 25874، 26333.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني