الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المذموم في الأكل والنوم

السؤال

فضيلة الشيخ بارك الله في علمكم وعملكم: هناك أمر ملتبس علي ويشغلني جداً وهو الأكل والنوم، فعندما أسمع من المشايخ ذم كثرة الأكل وأن من يأكل حتى يشبع وذلك بصفة مستمرة فإن ذلك مذموم وأنا محافظ على قدر معين من الأكل حددته لنفسي منذ سنين طويلة حتى قبل الالتزام لأني لا أحب الأكل في ذاته لكني حريص جداً على المحافظة على الصحة التي أنعم الله بها علي وأنا شاب عمري 26 عاماً، والحمد لله من الله علي بقوة البدن، وكراهية العلماء لكثرة الأكل يقولون أنها تثقل البدن وتؤدي للخمول والنوم وأنا يحدث معي العكس بمعنى عندما أقلل طعامي لا أقدر على القيام بالأعمال التي أقوم بها عندما آكل القدر الذي اعتدت عليه، بل أظن أن طلب العلم وحفظ القراَن وقراءته تحتاج مني أن اَكل بصورة جيدة، فأرجو توضيح هذه النقطة. النقطة الثانية: هي النوم ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه أن أفضل القيام قيام داود عليه السلام وأنه كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه فعندما حسبت ساعات نومه عليه السلام وجدتها في حدود 8 ساعات وكذلك قرأت في موقعكم كلاما لابن القيم أن النبي كان ينام 8 ساعات، وأجد نصائح العلماء لطلبة العلم ألا يكثروا النوم وبعضهم ينصح بالنوم 6 ساعات وأنا أحاول المحافظة على النوم 6 ساعات لكني أقوم مرهقا جداً، وسمعت كلاما لأحد أكبر علماء الحديث المعاصرين وهو مصري ينصح طلبة علم الحديث بعض النصائح ومنها أن الطلبة وكما هو الحال في مصر يضطرون للعمل لمدة 12 ساعة فنصحهم بالنوم 2 ساعة حتى يستطيعوا التوفيق بين العمل وطلب العلم ومن يومها وأنا أشعر بنكد وأقول لنفسي أنت ليس منك فائدة فهناك من ينام ساعتين ويعمل لمدة 12 ساعة ويطلب العلم وأنت لا تستطيع أن تحافظ على النوم 6 ساعات وكذلك لا تعمل ومع ذلك لم تحقق المنشود في طلب العلم وتسير ببطء رغم وفرة الوقت لديك فأرجو توضيح ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا حرج عليك في الأكل والنوم بقدر ما تحافظ به على صحتك واستراحتك النفسية، واعلم أن المذموم هو الإسراف ومجاوزة الحد، وأما الأكل والنوم بقدر الحاجة دون إسراف فغير مذموم وإن كنا نقر بأن مجاهدة العبد نفسه بما لا يجحف به من الصيام التطوعي وقيام الليل مرغب فيه شرعاً، ورغب الشارع كذلك في تنظيم الأكل والنوم حتى يأخذ الإنسان ما يكفيه ويتصدق بما لا يحتاج له أو يؤثر به إن استطاع، ففي الحديث: كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة. رواه البخاري في الصحيح معلقاً، ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

وقد ذكر أهل العلم أن طالب العلم لا بد له من عقل مدلل، فلو أنه حرص على نوم القيلولة ونوم أول الليل ربما استغنى عن غير ذلك من النوم واستفاد من وقت آخر الليل ووقت الصباح وهما وقتان مباركان مهمان لطالب العلم، ولو أنه كذلك أخذ مأكولات ذات قيمة غذائية تكفي حاجة الجسم ونظم أوقات أكله فلربما استغنى بذلك عن الوجبات الإضافية غير المنظمة وعن المأكولات الجاهزة التي تحتاج منه إنفاقاً كثيراً، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12649، 19064، 50734، 51751، 58418، 62398.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني