الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصدقات الجارية من الرواتب التقاعدية

السؤال

الموضوع / طلب فتوى بجواز استخدام الراتب التقاعدي أو جزء منه كوقف ( صدقة جارية ) عن أرواح مشتركي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعيةتفخر الدول الإسلامية بأنها تمتلك واحداً من أفضل نظم التأمينات الاجتماعية في العالم وبالرغم من كل الإيجابيات التي يتمع بها هذا النظام إلا أننا نعتقد أن هناك بعض السلبيات التي يجب تفاديها ومنها مادام الإنسان معرضاً للموت فإننا كمسلمين لا تنقطع أعمالنا بوفاتنا بل يظل العمل الخيري والوقف والصدقة الجارية وغيرها من الأمور التي يصل أجرها إلينا بعد وفاتنا ، فصحيح أنه بعد وفاة المؤمن عليه يصرف راتبه التقاعدي لزوجته وأبنائه من بعده، لكنه ليس راتباً مستمراً بل مقطوعاً إذا تزوجت أرملته بغيره أو عمل أبناؤه أو تزوجت بناته، ولا يتمتع ورثة النساء المؤمن عليهن في المؤسسة برواتبهن حيث يرجع بعد ذلك الراتب إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.ومادام الأمر كذلك فإنني كمشترك في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أرغب بتحويل راتب شهر على الأقل سنوياً من راتبي التقاعدي عند وفاتي لصالح أي عمل خيري تراه المؤسسة العامة للتأمينات مناسباً أو أن تنشأ وقفاً خيرياً عن روحي وعن أرواح إخواني واخواتي مشتركي المؤسسة يعادل راتب شهر على الأقل من كل سنة يسمى ( وقف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ) يساهم في حل مشكلات البطالة وإيجاد فرص عمل لأبنائنا أو يساهم في بناء مدرسة أو كلية أو جامعة خيرية وقفية لصالح أبناء الفقراء وغير المقتدرين أو يفك دين معسر أو ليساهم في زواج شخص غير مقتدر أو يعالج مريضاً بمرض خطير ...... إلخ من أمور الخير التي جُبل عليها المسلمون وحضت عليها الشريعة الإسلامية السمحاء لحل مشكلة الأحياء وإنشاء أعمال خيرية لصالح الأموات ، فهل يجوز ذلك ؟ وما رأي الهيئة العامة للافتاء لديكم بهذا الأمر، إن فتواكم هذه ستحدث بإذن الله نقلة نوعية في عمل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وستساهم في دعم العمل الخيري والأوقاف الإسلامية في العالم الإسلامي.وعليه فإنني أرفع إلى فضيلتكم هذا الأمر وكلي أمل بالحصول على فتواكم بأسرع وقت ممكن لندعم بها الصدقة الجارية والوقف ولنساهم معاً في صناعة مستقبل أفضل لأبناء المسلمين، والله الموفق ؟
هذا وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك في أفضلية الصدقة الجارية، وهي أحد الأمور الثلاثة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء ينتفع بها بعد موته، قال صلى الله عليه وسلم-: إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له. ولكن راتب التقاعد بعد موت صاحبه لا يصلح أن يكون صدقة جارية على الوجه الذي ذكر في السؤال. وذلك لأنه إما أن يكون مخصوما من أصل استحقاقات الموظف، فهو بمثابة ‏الدين له، فهو ملك له، ويجب أن يقسم بين الورثة كما يقسم باقي تركته، لأنه جزء منها ، وإما أن يكون منحة من جهة العمل لعيال العامل بعد وفاته، فيجب حينئذ أن يصرف لمن ‏خصصته الجهة المذكورة له دون غيره.‏

وإما أن يكون خليطا بأن يخصم منه شيء من أصل الاستحقاقات، وتتبرع جهة العمل ‏بشيء آخر، فما كان منه مخصوما من الاستحقاقات، فهو جزء من التركة، يقسم كقسمتها، وما كان منه تبرعا من جهة العمل، فهو حق لمن صرفته له دون غيره.

وعليه، فالذي يملك التصرف في راتب الموظف بعد موته هو الجهة المستحقة له حسبما ذكر من التفصيل ، وأما الموظف فإذا كان يريد صدقة جارية، فعليه أن يفعلها من رواتبه قبل التقاعد، أو من راتب التقاعد قبل الموت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني