الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أوجه جواز استمرار المشترك في الضمان

السؤال

يشترك بعض الموظفين في الضمان الاجتماعي ويعرفون الحكم الشرعي فيتوبون أو يخرجون من الوظيفة لأمر خارج عن إرادتهم ، فإن استمروا في دفع الضمان بعد الخروج من الوظيفة أخذوا في النهاية أموالهم وتخلصوا من الزيادة المحرمة، وإن امتنعوا عن دفع الضمان ضاع عليهم ما كان قد دفعوه سابقاً ، فماذا يفعلون وفق الشرع ؟
شاكرين لكم جهودكم ومقدرين لكم تعليمكم للناس أمور دينهم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبه بداية إلى أن الضمان الاجتماعي منه ما هو مشروع ومنه ما هو غير مشروع، وقد سبق تفصيل ذلك في عدة فتاوى انظر منها على سبيل المثال الفتاوى التالية أرقامها : 10664 ، 29228 ، 19831 .

وأما بالنسبة للمسألة المطروحة فالذي يظهر لنا -والله أعلم- هو جواز استمرار المشترك في الضمان في الحالة المذكورة إذا كان المال الذي دفعه لجهة الضمان مالا عظيما له وقع ولم يجد وسيلة لتخليصه سوى الاستمرار في ذلك إلى حين قبض قيمة الضمان مع وجوب التخلص من الزيادة المحرمة عند ذلك.

والأصل في ذلك ما جاءت به الشريعة عند تعارض المصالح والمفاسد من تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، واحتمال أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، ولا يخفى أن القول بمنع المشتركين في الحالة المذكورة من الاستمرار في هذا الضمان سيؤدي إلى ضياع أموال عظيمة معصومة على أصحابها وتركها لجهة الضمان أو شركة التأمين بغير حق، وهذه مفسدة تزيد على مفسدة الاستمرار في دفع بعض الأقساط إلى حين تخليص هذه الأموال.

وقد أجاز الفقهاء مسائل هي في الأصل محرمة لأجل حفظ مال المسلم، فمن ذلك أنهم أجازوا لصاحب المال أن يودع ماله في بنك ربوي إذا خشي عليه من الضياع ولم يمكنه حفظه إلا بذلك، هذا مع أن إيداع المال في البنك الربوي في الأصل محرم لما فيه من الإعانة على ممارسة الربا، ومن ذلك أيضا أنهم أجازوا بذل الرشوة لحفظ المال من الضياع بغير حق مع أن بذل الرشوة في الأصل محرم، روى ابن أبي شيبة عن جابر بن زيد والشعبي أنهم قالوا : لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم. وقال أبو الليث السمرقندي : لا بأس بأن يدفع الرجل عن نفسه وماله بالرشوة .

فنحو هذه المسائل أجازها الفقهاء رغم ما فيها من المفسدة لدفع ما هو أشد فسادا منها، وهو ما يعبر عنه الفقهاء بارتكاب أخف الضررين ، فيشبه أن تنزل المسألة المطروحة على ذلك .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني