الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع والقصر ممن نوى إقامة أربعة أيام فأكثر

السؤال

كنت أسافر من مدينتي التي أدرس بها الى مدينة أخرى (بكين) تبعد عنها ساعتان بالطائرة للإقامة في المشفى (وجهتي المقصودة هي المشفى). فإذا وصلت إلى بكين أقمت عند زميل لي يوما أو أكثر قبل الذهاب إلى المشفى فقصرت الصلاة وجمعتها خلال إقامتي عند زميلي. ثم بعد ذلك انطلق إلى المشفى وأنا أنوي الإقامة فيها مدة محددة مسبقا (عشرة أيام مثلا) , وكنت خلال هذه المدة أقصر وأجمع الصلاة أيضا . والسؤال : هل قصري للصلاة وجمعها خلال إقامتي الأولى عند زميلي صحيحة. وكذلك خلال إقامتي في المشفى. فإن كان عملي هذا غير صحيح , فكيف أعمل بالنسبة للصلوات التي قد كنت جمعتها وقصرتها خلال زياراتي السابقة للمشفى. ملاحظة: يوجد مسافة بين بيت زميلي وبين المشفى التي أنوي الذهاب إليها حوالي الساعة بالسيارة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه كان يجب عليك أن تتم الصلاة وتترك الجمع بمجرد وصولك إلى المدينة التي سافرت إليها ما دمت تنوي مسبقا إقامة أكثر من أربعة أيام هذا على مذهب مالك والشافعي والإمام أحمد ومن وافقهم. وعليه، فإن ما قمت به من القصر والجمع في هذه المدة كان خطأ على قول الجمهور ، سواء في ذلك مدة إقامتك عند زميلك ومدة إقامتك في المستشفى ما دامت المستشفى في مدينة زميلك أي ليست في منطقة أخرى تبعد عن المدينة مسافة قصر، ولا عبرة بالمسافة التي بين محل إقامتك وبين المستشفى ما دامت المدينة واحدة ، وعليك أن تعيد هذه الصلوات التي قصرتها في هذه المدة. ويرى أبو حنيفة ومن وافقه أن للمسافر أن يقصر ما دام ينوي إقامة أقل من خمسة عشر يوما وعلى هذا القول لا تجب عليك الإعادة إن كان جميع المدة التي نويت إقامتها لا تزيد على أسبوعين ، قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي : وإذا نوى المسافر الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم . المشهور عن أحمد رحمه الله أن المدة التي تلزم المسافر الإتمام بنية الإقامة فيها هي ما كان أكثر من أحدى وعشرين صلاة رواه الأثرم والمروذي وغيرهما، وعنه أنه إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم وإن نوى دونها قصر ، وهذا قول مالك والشافعي وأبي ثور لأن الثلاث حد القلة بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : يقيم المهاجر بعد قضاء منسكه ثلاثا . ولما أخلى عمر رضي الله عنه أهل الذمة ضرب لمن قدم منهم تاجرا ثلاثا فدل على أن الثلاث في حكم المسافر ، وما زاد في حكم الإقامة ويرى هذا القول عن عثمان رضي الله عنه. وقال الثوري وأصحاب الرأي: إن أقام خمسة عشر يوما مع اليوم الذي يخرج فيه أتم وإن نوى دون ذلك قصر . انتهى .

وقال النووي في المجموع : قد ذكرنا أن مذهبنا أنه إن نوى أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج انقطع الترخص وإن نوى ذلك لم ينقطع، وهو مذهب عثمان بن عفان وابن المسيب ومالك وأبي ثور ، وقال أبو حنيفة والثوري والمزني : إن نوى إقامة خمسة عشر يوما مع يوم الدخول أتم وإن نوى أقل من ذلك قصر . انتهى .

وانظر الفتوى رقم : 22317 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني