الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يطعم الطعام في مكة أم في بلدان أخرى أكثر احتياجا

السؤال

يقوم بعض الناس بإرسال أموال مع المعتمرين من خارج السعودية وذلك لشراء طعام وتوزيعه في الحرم المكي خلال شهر رمضان وذلك طمعا في مضاعفة الأجر في مكة المكرمة و ذلك بالرغم من توفر الخير الكثير في مكة من أهل السعودية و كذلك من المقيمين بها والبلاد التي يتم إرسال الأموال منها هي بلاد فقيرة ويوجد بها الكثير من الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلونه . فما هو الأفضل والأكثر ثوابا إن شاء الله( توزيع الأموال على الفقراء والمحتاجين في بلادهم أم إرسالها إلى مكة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من شك في أن الطاعة يتضاعف ثوابها حسب الزمان والمكان، وقد دل على ذلك ما أخرجه أحمد وابن ماجه وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه. وروى البزار والطبراني عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة.

ومكة –زادها الله شرفا- هي أفضل البلاد وأحبها إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ففي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: علمت أنك خير أرض الله وأحب الأرض إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

ومع هذا فإن إرسال الأموال لشراء الطعام وتوزيعه في الحرم المكي خلال شهر رمضان، ليس بالضرورة أفضل من صرف ذلك المال والطعام في بقاع أخرى من العالم.

ذلك لأن قواعد الشرع تقتضي إيثار المضطر من الناس، وقد ندب الشرع إلى تفريج الكرب؛ ففي صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة... الحديث. وفي صحيح مسلم والمسند وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

وإذا اشتد الفقر في بلد من البلدان وجبت مواساته بالمال والطعام وجميع ما يحتاجه، وكان صرف المال إليه أفضل من صرفه في أي بلد آخر ولو كان مكة المكرمة؛ لأن أفضل الأعمال إطلاقا هو الحفاظ على الواجبات، ويدل لذلك ما في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه. رواه البخاري.

والخلاصة أن صرف المال في الأماكن الأكثر احتياجا أفضل من صرفه في مكة إذا كان أهل مكة أقل احتياجا، وإذا تساوى أهل مكة مع البلدان الأخرى في الاحتياج كان صرف المال فيها أفضل من صرفه في غيرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني