الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق هو العلاج الأخير

السؤال

تزوجت في سن 44 بعدما عانيت كثيراً في اختيار شريكة العمر نظراً لتعنت والدتي التي كانت ترفض زواجي وتقوم باختلاق الأسباب لكي يفشل الارتباط بالفتاة التي لم تكن هي راضية عليها.. وبعد جهد جهيد تعرفت على فتاة تعمل معي في نفس المؤسسة وتصغرني بحوالي 17 سنة وتزوجت بها عنوة رغم رفض والدتي التي قررت مقاطعة حفل الزفاف بمعية معظم أفراد العائلة.. وعند بداية حياتي الزوجية حدثت لي مشاكل نفسية كثيرة جعلتني أجد صعوبة في التمتع بحياتي الجنسية بحيث فقدت الرغبة الجنسية بشكل مفاجئ مما جعل حياتي مع زوجتي تتحول إلى جحيم بحيث أبقى لمدة أشهر دون إتيان أهلي نظراً لتدهور حالتي النفسية، ولكن مع مرور الوقت تحسنت حالتي نسبيا ورزقنا الله بمولود ولو أن الرغبة لم تعد تأتيني كالسابق.. وبدأت أعيش في دوامة من المشاكل مع زوجتي التي تقول لي إنها تشعر أن أهلي يحتقرونها ولا يزورونها ولا يعيرونها أي اهتمام وهو ما يحدث فعلا.. لكن أنا أحس بالذنب تجاه زوجتي لأنني لا أعطيها حقها في الفراش بالكامل.. مع العلم بأنني سوي من الناحية الجنسية والدليل أنني أنجبت.. لقد أصبحت زوجتي عصبية للغاية وأصبحنا في شجار شبه يومي لأتفه الأسباب لأن كلانا يعاني من إنهيار نفسي.. زوجتي لا تصلي إلا نادراً لكونها من عائلة ليست متدينة.. أحيانا تنعتني بنقص الرجولة وضعف الشخصية وأنا لم أعد قادراً على قبول مثل هذه الألفاظ لكن أصبر لكون زوجتي مريضة نفسيا وعصبية.. أحيانا أفكر في الطلاق لكن أنظر إلى الولد الذي بيننا.. والدتي مريضة وأقوم بزيارتها كل أسبوع على بعد50 كلم من مقر سكني لكن زوجتي ترفض ذلك لأن والدتي لم تعاملها معاملة حسنة.. كنا نسكن في بيت مريح سلمته لي شقيقتي عن طريق تعهد لفظي كونها في الـ 50 من العمر ولم يسبق لها الزواج وبعد سنة تراجعت شقيقتي عن رأيها وطردتني من البيت بعدما أعطتني مبلغا من المال كنت قد دفعته للحصول على ذلك السكن العائلي.. فقمت بكراء بيت قديم بعدما قامت زوجتي بقرض من البنك على حسابها.. فأثر هذا الوضع الجديد على زوجتي التي أصبحت تشتكي من البيت وتلقي باللائمة على أهلي والحظ السيئ الذي أوصلها إلى هذا الوضع.. فضلا عن ذلك سرقت مني السيارة التي اشتريتها عن طريق التقسيط بعد 4 أشهر من الاستعمال.. أنا أصلي وأحافظ على صلاتي وأعلم أن كل هذا ابتلاء من الله سبحانه و تعالى لأنني ارتكبت المعاصي قبل الزواج وكنت أخرج مع بعض الفتيات، لكن أقلعت عن ذلك بعد الزواج، كنت أحلم بحياة زوجية هادئة ومستقرة بعدما عانيت من مشكلة تعطيل الزواج لكن لم أعرف الاستقرار إلى حد الآن نظرا لعدم التوافق مع الزوجة والمشاكل اليومية.. فهل الطلاق هو الحل، دلوني على طريق الخير؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا لا ننصحك بطلاق زوجتك إلا إذا استحكم الخلاف، واستنفدت جميع سبل الوفاق، سيما وقد انجبت منها. فالطلاق مثل الكي فلا يكون إلا آخر العلاج، ففي الحديث: إن المرأة خلقت من ضلع، ولن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم. وفي الحديث أيضاً: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. ومعنى لا يفرك: لا يكره ولا يبغض. رواه الإمام مسلم في صحيحه.

وأما السب والشتم بينكما فلا يجوز، ولا ينبغي أن تصل الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة إلى مثل ذلك، سيما من الزوجة على زوجها، لمنافاته للعشرة بالمعروف والطاعة المأمور بها، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 1032.

وينبغي تجنب أسباب ذلك كالغضب والتشنج حال الخلاف فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني: قال: لا تغضب، فردد مراراً فقال: لا تغضب. وفي رواية أحمد وابن حبان: ففكرت حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله. وللمزيد عن أسباب الغضب وسبل علاجه انظر الفتوى رقم: 8038.

وأما ما ذكرت من تهاونها بالصلاة أحيانا فلا يجوز لك أن تقرها عليه، ولا على ترك غيره مما افترضه الله عليها؛ لأنها من رعيتك وأنت مسؤول عنها يوم القيامة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وفي الحديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عنه رعيته، والرجل في أهله راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها... متفق عليه، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 62008، والفتوى رقم: 63561.

وخلاصة القول والذي ننصحك به أن تتوب إلى الله تعالى مما اقترفته، فما أصابك من ابتلاء قد يكون سببه تفريطك في جنب الله، وتقصيرك في حقه فتب إليه مما كان، وأصلح فيما بقي، والتوبة تجب ما قبلها، وأما زوجتك فقد اتصفت بصفات سيئة، حسبما ذكرت وأعظم ذلك تهاونها ببعض الصلوات وعصيانها لك وسبها وشتمها إياك، ولا شك أن للبيئة التي تربت فيها أثراً على سلوكها وصفاتها، فلعلك إذا صبرت عليها، وعملت على محو آثار البيئة، بتوفير بيئة جديدة صالحة لعلها تتغير، مع الاستمرار على نصحها، وإذا كنت قد فعلت ذلك واستفرغت الوسع والجهد ولم يحصل المطلوب، واستمرت على حالتها من العصيان والتكبر والتضجر من العيش معك ونحو ذلك، فالأولى لك أن تطلقها ثم تبحث لك عن امرأة ملتزمة هينة لينة، ودود ولود، تعرف معنى الحياة الزوجية، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 12963، والفتوى رقم: 64026.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني