[ ص: 42 ] 18 - باب مقتل
عثمان بن عفان رضي الله عنه
4372 - قال
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر بن سليمان ، أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16043أبي ، أنا
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبو نضرة ، عن
أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=16272_16275_19325_19572_31272_31276_31277_31283_31292_33710_33711سمع nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان رضي الله عنه أن وفد أهل مصر قد أقبلوا ، فاستقبلهم ، وكان رضي الله عنه في قرية خارجا من المدينة - أو كما قال - : فلما سمعوا به ، أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه ، قالوا : كره أن يقدموا عليه المدينة أو نحو ذلك ، فأتوه فقالوا له : ادع بالمصحف ، قال : فدعا بالمصحف ، فقالوا له : افتح السابعة ، وكانوا يسمون سورة يونس السابعة ، فقرأ حتى أتى هذه الآية : nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=59قل أرأيتم ما أنـزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ، فقالوا له : قف ، أرأيت ما حمي من حمى الله [ ص: 43 ] تعالى ، آلله أذن لك أم على الله تفتري ؟ فقال : أمضه ، نزلت في كذا وكذا ، وأما الحمى ، فإن عمر رضي الله عنه حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة ، فلما وليت حميت لإبل الصدقة ، أمضه ، فجعلوا يأخذونه بالآية ، فيقول : أمضه نزلت في كذا وكذا ، قال : وكان الذي يلي عثمان رضي الله عنه في سنك ، قال : يقول أبو نضرة ذلك لي أبو سعيد وأنا في سنك ، قال أبي : ولم يخرج وجهي يومئذ ، لا أدري لعله قال مرة أخرى : وأنا يومئذ ابن ثلاثين سنة .
قال : ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج ، فعرفها ، فقال : أستغفر الله وأتوب إليه ، ثم قال لهم : ما تريدون ؟ قالوا : فأخذوا ميثاقه وكتب عليهم شرطا ، ثم أخذ عليهم أن لا يشقوا عصا ، ولا يفارقوا جماعة ، ما قام لهم بشرطهم ، أو كما أخذوا عليه - فقال لهم : ما تريدون ؟ قالوا : نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء ، فإنما هذا المال لمن قاتل عليه ، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فرضوا ، وأقبلوا معه إلى المدينة راضين .
[ ص: 44 ] قال فقام رضي الله عنه فخطبهم ، فقال : إني والله ما رأيت وفدا في الأرض هو خير من هذا الوفد الذي من
أهل مصر ، ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه ، ومن كان له ضرع فيحتلب ، ألا إنه لا مال لكم عندنا ، قال : فغضب الناس وقالوا : هذا مكر
بني أمية .
ثم رجع الوفد
المصريون راضين ، فبينما هم في الطريق إذا هم براكب يتعرض لهم ويفارقهم ، ثم يرجع إليهم ، ثم يفارقهم ويسبهم ، قالوا له : ما لك ؟ إن لك لأمرا ، ما شأنك ؟ فقال : أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله
بمصر ، ففتشوه فإذا هم بالكتاب معه على لسان
عثمان رضي الله عنه ، عليه خاتمه إلى عامله
بمصر أن يقتلهم أو يصلبهم ، أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، فأقبلوا حتى قدموا
المدينة ، فأتوا
عليا رضي الله عنه ، فقالوا : ألم تر إلى عدو الله يكتب فينا كذا وكذا ، وإن الله قد أحل دمه ، قم معنا إليه ،
[ ص: 45 ] قال : والله لا أقوم معكم إليه ، قالوا : فلم كتبت إلينا ؟ قال : والله ما كتبت إليكم كتابا قط ، قال : فنظر بعضهم إلى بعض . فقالوا : لهذا تقاتلون أم لهذا تغضبون ؟ فانطلق
علي رضي الله عنه يخرج من
المدينة إلى قرية .
فانطلقوا حتى دخلوا على
عثمان رضي الله عنه ، فقالوا له : كتبت فينا كذا وكذا ، وإن الله قد أحل دمك ، فقال رضي الله عنه : إنهما اثنتان : أن تقيموا علي رجلين من المسلمين ، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ، ولا أمليت ولا علمت ، وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على كتاب الرجل ، وقد ينقش الخاتم على الخاتم ، قالوا : فوالله لقد أحل الله دمك بنقض العهد والميثاق .
قال : فحاصروه رضي الله عنه ، فأشرف عليهم ، وهو محصور ذات يوم ، فقال : السلام عليكم . قال
أبو سعيد رضي الله عنه : فوالله ما أسمع أحدا من الناس رد عليه السلام ، إلا أن يرد الرجل
[ ص: 46 ] في نفسه ، فقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل علمتم ؟ قال : فذكر شيئا في شأنه ، وذكر أيضا أرى كتابته المفصل ففشا النهي ، فجعل يقول الناس : مهلا عن أمير المؤمنين ، ففشا النهي فقام
الأشتر ، فقال : فلا أدري ، أيومئذ أم يوم آخر ، قال : فلعله قد مكر به وبكم ، قال : فوطئه الناس حتى لقي كذا وكذا ، ثم إنه رضي الله عنه أشرف عليهم مرة أخرى ، فوعظهم وذكرهم ، فلم تأخذ فيهم الموعظة ، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعون بها ، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم ، قال : ثم إنه رضي الله عنه فتح الباب ووضع المصحف بين يديه ، وذلك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : يا
عثمان ، أفطر عندنا الليلة .
قال أبي : فحدثني
الحسن أن
محمد بن أبي بكر رضي الله عنه دخل عليه ، فأخذ بلحيته ، فقال رضي الله عنه : لقد أخذت مني مأخذا ، أو قعدت مني مقعدا - ما كان أبوك ليقعده - أو قال : ليأخذه - فخرج وتركه ، ودخل عليه رضي الله عنه رجل يقال له :
الموت الأسود ، فخنقه ، ثم خنقه ، ثم خرج ، فقال : والله لقد خنقته ، فما رأيت شيئا قط ألين من حلقه ، حتى رأيت نفسه يتردد في جسده كنفس الجان ، قال : فخرج وتركه .
[ ص: 47 ] قال : وفي حديث
أبي سعيد رضي الله عنه : ودخل عليه رجل ، فقال : بيني وبينك كتاب الله ، فخرج وتركه ، ثم دخل عليه آخر ، فقال : بيني وبينك كتاب الله تعالى ، والمصحف بين يديه ، فأهوى بالسيف ، فاتقاه
عثمان رضي الله عنه بيده فقطعها ، فما أدري أبانها ، أم قطعها ، ولم يبنها ، قال
عثمان رضي الله عنه : أما والله إنها لأول كف خطت المفصل .
قال : وقال في غير حديث
أبي سعيد رضي الله عنه : فدخل عليه
التجيبي ، فأشعره مشقصا ، فانتضح الدم على هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم قال : فإنها في المصحف ما حكت بعد ، قال : وأخذت
بنت الفرافصة رضي الله عنها حليها في حديث
أبي سعيد رضي الله عنه ، فوضعته في حجرها ، وذلك قبل أن يقتل رضي الله عنه ، فلما أشعر - أو قتل - تفاجت عليه ، فقال بعضهم : قاتلها الله ما أعظم عجيزتها ! فقال
أبو سعيد رضي الله عنه : فعلمت أن أعداء الله لم يريدوا إلا الدنيا .
قلت : رجاله ثقات ، سمع بعضهم من بعض .
[ ص: 48 ] [ ص: 49 ] [ ص: 50 ]
[ ص: 42 ] 18 - بَابُ مَقْتَلِ
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
4372 - قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17116الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16043أَبِي ، أَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبُو نَضْرَةَ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=16272_16275_19325_19572_31272_31276_31277_31283_31292_33710_33711سَمِعَ nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ وَفْدَ أَهْلِ مِصْرَ قَدْ أَقْبَلُوا ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ ، وَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَرْيَةٍ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ - أَوْ كَمَا قَالَ - : فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ ، أَقْبَلُوا نَحْوَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ ، قَالُوا : كَرِهَ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا لَهُ : ادْعُ بِالْمُصْحَفِ ، قَالَ : فَدَعَا بِالْمُصْحَفِ ، فَقَالُوا لَهُ : افْتَحِ السَّابِعَةَ ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ سُورَةَ يُونُسَ السَّابِعَةَ ، فَقَرَأَ حَتَّى أَتَى هَذِهِ الْآيَةَ : nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=59قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْـزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ، فَقَالُوا لَهُ : قِفْ ، أَرَأَيْتَ مَا حُمِيَ مِنْ حِمَى اللهِ [ ص: 43 ] تَعَالَى ، آللهُ أَذِنَ لَكَ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرِي ؟ فَقَالَ : أَمْضِهِ ، نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ، وَأَمَّا الْحِمَى ، فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَمَى الْحِمَى قَبْلِي لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا وُلِّيتُ حَمَيْتُ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ ، أَمْضِهِ ، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَهُ بِالْآيَةِ ، فَيَقُولُ : أَمْضِهِ نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : وَكَانَ الَّذِي يَلِي عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي سِنِّكَ ، قَالَ : يَقُولُ أَبُو نَضْرَةَ ذَلِكَ لِي أَبُو سَعِيدٍ وَأَنَا فِي سِنِّكَ ، قَالَ أَبِي : وَلَمْ يَخْرُجْ وَجْهِي يَوْمَئِذٍ ، لَا أَدْرِي لَعَلَّهُ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى : وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً .
قَالَ : ثُمَّ أَخَذُوهُ بِأَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا مَخْرَجٌ ، فَعَرَفَهَا ، فَقَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : مَا تُرِيدُونَ ؟ قَالُوا : فَأَخَذُوا مِيثَاقَهُ وَكَتَبَ عَلَيْهِمْ شَرْطًا ، ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَشُقُّوا عَصًا ، وَلَا يُفَارِقُوا جَمَاعَةً ، مَا قَامَ لَهُمْ بِشَرْطِهِمْ ، أَوْ كَمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ - فَقَالَ لَهُمْ : مَا تُرِيدُونَ ؟ قَالُوا : نُرِيدُ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَطَاءً ، فَإِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ ، وَلِهَذِهِ الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَضُوا ، وَأَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ رَاضِينَ .
[ ص: 44 ] قَالَ فَقَامَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَخَطَبَهُمْ ، فَقَالَ : إِنِّي وَاللهِ مَا رَأَيْتُ وَفْدًا فِي الْأَرْضِ هُوَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْوَفْدِ الَّذِي مِنْ
أَهْلِ مِصْرَ ، أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ فَلْيَلْحَقْ بِزَرْعِهِ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ضَرْعٌ فَيَحْتَلِبْ ، أَلَا إِنَّهُ لَا مَالَ لَكُمْ عِنْدَنَا ، قَالَ : فَغَضِبَ النَّاسُ وَقَالُوا : هَذَا مَكْرُ
بَنِي أُمَيَّةَ .
ثُمَّ رَجَعَ الْوَفْدُ
الْمِصْرِيُّونَ رَاضِينَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ إِذَا هُمْ بِرَاكِبٍ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَيُفَارِقُهُمْ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ يُفَارِقُهُمْ وَيَسُبُّهُمْ ، قَالُوا لَهُ : مَا لَكَ ؟ إِنَّ لَكَ لَأَمْرًا ، مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ : أَنَا رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَامِلِهِ
بِمِصْرَ ، فَفَتَّشُوهُ فَإِذَا هُمْ بِالْكِتَابِ مَعَهُ عَلَى لِسَانِ
عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَلَيْهِ خَاتَمُهُ إِلَى عَامِلِهِ
بِمِصْرَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ أَوْ يَصْلُبَهُمْ ، أَوْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى قَدِمُوا
الْمَدِينَةَ ، فَأَتَوْا
عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فَقَالُوا : أَلَمْ تَرَ إِلَى عَدُوِّ اللهِ يَكْتُبُ فِينَا كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَحَلَّ دَمَهُ ، قُمْ مَعَنَا إِلَيْهِ ،
[ ص: 45 ] قَالَ : وَاللهِ لَا أَقُومُ مَعَكُمْ إِلَيْهِ ، قَالُوا : فَلِمَ كَتَبْتَ إِلَيْنَا ؟ قَالَ : وَاللهِ مَا كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ كِتَابًا قَطُّ ، قَالَ : فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ . فَقَالُوا : لِهَذَا تُقَاتِلُونَ أَمْ لِهَذَا تَغْضَبُونَ ؟ فَانْطَلَقَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنَ
الْمَدِينَةِ إِلَى قَرْيَةٍ .
فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى
عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فَقَالُوا لَهُ : كَتَبْتَ فِينَا كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَحَلَّ دَمَكَ ، فَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : إِنَّهُمَا اثْنَتَانِ : أَنْ تُقِيمُوا عَلَيَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ يَمِينِي بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا كَتَبْتُ ، وَلَا أَمْلَيْتُ وَلَا عَلِمْتُ ، وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْكِتَابَ يُكْتَبُ عَلَى كِتَابِ الرَّجُلِ ، وَقَدْ يُنْقَشُ الْخَاتَمُ عَلَى الْخَاتَمِ ، قَالُوا : فَوَاللهِ لَقَدْ أَحَلَّ اللهُ دَمَكَ بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ .
قَالَ : فَحَاصَرُوهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ ، وَهُوَ مَحْصُورٌ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ . قَالَ
أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : فَوَاللهِ مَا أَسْمَعُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ، إِلَّا أَنْ يَرُدَّ الرَّجُلُ
[ ص: 46 ] فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ هَلْ عَلِمْتُمْ ؟ قَالَ : فَذَكَرَ شَيْئًا فِي شَأْنِهِ ، وَذَكَرَ أَيْضًا أُرَى كِتَابَتَهُ الْمُفَصَّلَ فَفَشَا النَّهْيُ ، فَجَعَلَ يَقُولُ النَّاسُ : مَهْلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَفَشَا النَّهْيُ فَقَامَ
الْأَشْتَرُ ، فَقَالَ : فَلَا أَدْرِي ، أَيَوْمُئِذٍ أَمْ يَوْمٌ آخَرُ ، قَالَ : فَلَعَلَّهُ قَدْ مُكِرَ بِهِ وَبِكُمْ ، قَالَ : فَوَطِئَهُ النَّاسُ حَتَّى لَقِيَ كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ إِنَّهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى ، فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ ، فَلَمْ تَأْخُذْ فِيهِمُ الْمَوْعِظَةُ ، وَكَانَ النَّاسُ تَأْخُذُ فِيهِمُ الْمَوْعِظَةُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُونَ بِهَا ، فَإِذَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَأْخُذْ فِيهِمْ ، قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَتَحَ الْبَابَ وَوَضَعَ الْمُصْحَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ : يَا
عُثْمَانُ ، أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ .
قَالَ أَبِي : فَحَدَّثَنِي
الْحَسَنُ أَنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دَخَلَ عَلَيْهِ ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ ، فَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : لَقَدْ أَخَذْتَ مِنِّي مَأْخَذًا ، أَوْ قَعَدْتَ مِنِّي مَقْعَدًا - مَا كَانَ أَبُوكَ لِيَقْعُدَهُ - أَوْ قَالَ : لِيَأْخُذَهُ - فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ :
الْمَوْتُ الْأَسْوَدُ ، فَخَنَقَهُ ، ثُمَّ خَنَقَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَقَالَ : وَاللهِ لَقَدْ خَنَقْتُهُ ، فَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَلْيَنَ مِنْ حَلْقِهِ ، حَتَّى رَأَيْتُ نَفَسَهُ يَتَرَدَّدُ فِي جَسَدِهِ كَنَفَسِ الْجَانِّ ، قَالَ : فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ .
[ ص: 47 ] قَالَ : وَفِي حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللهِ ، فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ ، فَقَالَ : بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى ، وَالْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَهْوَى بِالسَّيْفِ ، فَاتَّقَاهُ
عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِيَدِهِ فَقَطَعَهَا ، فَمَا أَدْرِي أَبَانَهَا ، أَمْ قَطَعَهَا ، وَلَمْ يُبِنْهَا ، قَالَ
عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَمَا وَاللهِ إِنَّهَا لَأَوَّلُ كَفٍّ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ .
قَالَ : وَقَالَ فِي غَيْرِ حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : فَدَخَلَ عَلَيْهِ
التُّجِيبِيُّ ، فَأَشْعَرَهُ مِشْقَصًا ، فَانْتَضَحَ الدَّمُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ قَالَ : فَإِنَّهَا فِي الْمُصْحَفِ مَا حُكَّتْ بَعْدُ ، قَالَ : وَأَخَذَتْ
بِنْتُ الْفُرَافِصَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حُلِيَّهَا فِي حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فَوَضَعَتْهُ فِي حَجْرِهَا ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فَلَمَّا أُشْعِرَ - أَوْ قُتِلَ - تَفَاجَّتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَاتَلَهَا اللهُ مَا أَعْظَمَ عَجِيزَتَهَا ! فَقَالَ
أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : فَعَلِمْتُ أَنَّ أَعْدَاءَ اللهِ لَمْ يُرِيدُوا إِلَّا الدُّنْيَا .
قُلْتُ : رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، سَمِعَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ .
[ ص: 48 ] [ ص: 49 ] [ ص: 50 ]