[ ص: 369 ] القاعدة الخامسة تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة 1 - وقد صرحوا به في مواضع .  
منها في كتاب الصلح في مسألة  صلح الإمام عن الظلة المبنية في طريق العامة   ، وصرح به الإمام  أبو يوسف  رحمه الله في كتاب الخراج في مواضع ، وصرحوا في كتاب الجنايات 2 - : أن  السلطان لا يصح عفوه عن قاتل من لا ولي له   ، 3 - وإنما له القصاص ، والصلح 4 - ، وعلله في الإيضاح بأنه نصب ناظرا ، وليس من النظر للمستحق العفو ، وأصلها ما أخرجه   سعيد بن منصور  عن  البراء  قال : قال  عمر  رضي الله عنه : ( إني أنزلت نفسي من مال الله تعالى بمنزلة ولي اليتيم إن احتجت أخذت منه فإذا أيسرت رددته فإن   [ ص: 370 ] استغنيت استعففت ) .  
وذكر الإمام  أبو يوسف  رحمه الله في كتاب الخراج قال : بعث   عمر بن الخطاب  رضي الله تعالى عنه   عمار بن ياسر  على الصلاة والحرب ، وبعث   عبد الله بن مسعود  على القضاء وبيت المال ، وبعث   عثمان بن حنيف  على مساحة الأرضين ، وجعل بينهم شاة كل يوم في بيت المال ، شطرها ، وبطنها  لعمار  ، وربعها   لعبد الله بن مسعود  ، وربعها الآخر   لعثمان بن حنيف     : وقال إني أنزلت نفسي ، وإياكم من هذا المال بمنزلة ولي اليتيم فإن الله تبارك وتعالى قال : {  ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف      } - والله ما أرى أرضا تؤخذ منها شاة في كل يوم إلا استسرع خرابها ( انتهى ) .  
6 - فعلى هذا لا يجوز له التفضيل   [ ص: 371 ] ولكن قال في المحيط من كتاب الزكاة :  والرأي إلى الإمام من تفضيل ، وتسوية من غير أن يميل في ذلك إلى هوى   ، ولا يحل لهم إلا ما يكفيهم ، ويكفي أعوانهم بالمعروف ، وإن فضل من المال شيء بعد إيصال الحقوق إلى أربابها قسمه بين المسلمين ، وإن قصر في ذلك كان الله عليه حسيبا ( انتهى ) .  
وذكر  الزيلعي  من الخراج بعد أن ذكر أن أموال بيت المال أربعة أنواع قال : وعلى الإمام أن يجعل لكل نوع من هذه الأنواع بيتا يخصه ، ولا يخلط بعضه ببعض ; لأن لكل نوع حكما يختص به .  
إلى أن قال : ويجب على الإمام أن يتقي الله تعالى ويصرف إلى كل مستحق قدر حاجته من غير زيادة فإن قصر في ذلك كان الله عليه حسيبا ( انتهى ) .  
وفي كتاب الخراج  لأبي يوسف  رحمه الله أن  أبا بكر  رضي الله تعالى عنه قسم المال بين الناس بالسوية فجاء ناس ، فقالوا له : يا خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام إنك قسمت هذا المال فسويت به بين الناس ، ومن الناس إناس لهم فضل وسوابق وقدم فلو فضلت أهل السوابق والقدم ، والفضل لفضلهم ؟ فقال : أما ما ذكرتم من السوابق والقدم ، والفضل فما أعرفني بذلك ، وإنما ذلك شيء ثوابه على الله تعالى وهذا معاش فالأسوة فيه خير من الأثرة . فلما كان   عمر بن الخطاب  رضي الله تعالى عنه ، وجاء الفتوح فضل وقال : لا أجعل من قاتل مع غير رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كمن قاتل معه ; ففرض   [ ص: 372 ] لأهل السوابق ، والقدم من المهاجرين ، والأنصار ممن شهد  بدرا   أو لم يشهد  بدرا   أربعة آلاف درهم ، وفرض لمن كان إسلامه كإسلام أهل بدر بدون ذلك ; أنزلهم على قدر منازلهم من السوابق ( انتهى ) .  
وفي القنية من باب ما يحل للمدرس ، والمتعلم : كان  أبو بكر  رضي الله عنه يسوي بين الناس في العطاء من بيت المال ، وكان  عمر  رضي الله عنه يعطيهم على قدر الحاجة والفقه ، والفضل ; والأخذ بما فعله  عمر  رضي الله عنه في زماننا أحسن فتعتبر الأمور الثلاثة ( انتهى )  
     	
		 [ ص: 369 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					