أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون [ ص: 236 ] وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون
قوله: أولم ير الذين كفروا أولم يعلموا، أن السماوات والأرض كانتا رتقا الرتق: السد، يقال: رتقت الشيء فارتتق.
ففتقناهما قال فتق الله السماء بالمطر، والأرض بالنبات، كانت السماوات لا تنزل مطرا، والأرض لا تنبت نباتا. ابن عباس:
وجعلنا من الماء كل شيء حي أي: وأحيينا بالماء الذي ننزله من السماء كل شيء حي من الحيوان، ويدخل فيه النبات والشجر، يعني أنه سبب لحياة كل شيء، والمفسرون يقولون: يعني أن كل شيء فهو مخلوق من الماء، كقوله: والله خلق كل دابة من ماء قال يعني النطفة، وعلى هذا لا يتعلق هذا بما قبله، وهو احتجاج على المشركين بقدرة الله. أبو العالية:
أفلا يؤمنون أفلا يصدقون بعد هذا البيان؟ وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم مفسر في سورة النحل، وجعلنا فيها في الرواسي، فجاجا قال هي المسالك. أبو عبيدة:
وقال كل مخترق بين جبلين هو فج. الزجاج:
قال جعلنا بين الجبال طرقا حتى يهتدوا إلى مقاصدهم في الأسفار. ابن عباس:
وقوله: سبلا تفسير للفجاج، وبيان أن تلك الفجاج نافذة مسلوكة، فقد يكون الفج غير نافذ.
وجعلنا السماء سقفا السقف من أسماء السماء، قال الله تعالى: والسقف المرفوع والسماء للأرض كالسقف للبيت، وقوله: محفوظا قال من الشياطين بالنجوم، دليله قوله: ابن عباس: وحفظناها من كل شيطان رجيم .
وذكر وجها آخر، قال: حفظه من الوقوع على الأرض إلا بإذنه، دليله قوله: الزجاج ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه .
وهم يعني المشركين، عن آياتها شمسها وقمرها ونجومها، معرضون لا يتدبرونها ولا يتفكرون فيها، فيعلموا أن خالقها لا شريك له.
وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل يعني الطوالع، في فلك الفلك في كلام العرض: كل شيء مستدير، وجمعه أفلاك، ومنه فلكة المغزل، وتفلك ثدي الجارية، قال السدي: في مجرى واستدارة.
وقال الفلك استدارة السماء، وكل شيء استدار فهو فلك. الكلبي:
وهذا قول أكثر المفسرين، قالوا: الفلك مدار النجوم الذي يضمها.
قال الفلك طاحونة كهيئة فلك المغزل، يريد أن الذي تجري فيه النجوم مستدير كاستدارة الطاحونة. الحسن:
وقوله: يسبحون أي: يجرون بسرعة كالسابح في الماء، وقد قال في موضع آخر: والسابحات سبحا يعني النجوم، والسبح لا يختص بالجري في الماء، فقد يقال للفرس الذي يمد يديه في الجري: سابح.