الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون  خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون  

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا رآك الذين كفروا قال ابن عباس: يعني المستهزئين.

                                                                                                                                                                                                                                      إن يتخذونك إلا هزوا أي: ما يتخذونك إلا مهزوءا به، قال السدي: نزلت في أبي جهل، مر به النبي صلى الله عليه وسلم، فضحك، وقال: هذا نبي بني عبد مناف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أهذا الذي فيه إضمار القول، ومعنى يذكر آلهتكم قال ابن عباس: يعيب أصنامكم، قال الزجاج: يقال فلان يذكر الناس، أي يغتابهم ويذكرهم بالعيوب، وفلان يذكر الله، أي بصفة بالتعظيم ويثني عليه، وإنما يحذف مع الذكر ما عقل معناه، وعلى ما قل لا يكون الذكر في كلام العرب العيب، وحيث يراد به العيب حذف منه السوء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وهم بذكر الرحمن هم كافرون وذلك أنهم قالوا: ما نعرف الرحمن فكفروا بالرحمن.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: خلق الإنسان من عجل قال قتادة: خلق الإنسان عجولا.

                                                                                                                                                                                                                                      والإنسان اسم الجنس، قال الفراء: كأنه يقول بنيته وخلقته من العجلة وعلى العجلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج: خوطبت العرب بما تفعل، والعرب تقول للذي يكثر منه الشيء: خلقت منه، كما تقول: أنت من لعب، وخلقت من لعب، يريد المبالغة في وصفه بذلك، ويدل على هذا المعنى قوله: وكان الإنسان عجولا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عكرمة: لما خلق آدم ونفخ فيه الروح، صار في رأسه، فذهب لينهض قبل أن يبلغ الروح إلى رجليه، فوقع، فقيل: خلق الإنسان من عجل وهذا قول سعيد بن جبير، والسدي، والكلبي، وعلى هذا المراد بالإنسان آدم، وإذا كان آدم خلق من عجل على معنى أنه خلق عجولا، وجد ذلك في أولاده، وأورث أولاده العجلة حتى استعجلوا في كل شيء، والآية نازلة في أهل مكة حين استعجلوا العذاب، قال ابن عباس في رواية عطاء: خلق الإنسان من عجل يريد النضر بن الحارث، وهو الذي قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      يدل على هذا قوله: سأريكم آياتي قال: يريد القتل ببدر.

                                                                                                                                                                                                                                      فلا تستعجلون أي أنه نازل.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 238 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية