الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون  إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين  وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين  

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد كتبنا في الزبور يعني: جميع الكتب المنزلة من السماء، من بعد الذكر يعني: أم الكتاب الذي عند الله، هذا قول سعيد بن جبير، ومجاهد، وابن زيد، واختيار الزجاج، قال: الزبور جميع الكتب التوراة والإنجيل، والقرآن زبور لأن الزبور والكتاب في معنى واحد، يقال: زبرت الشيء وكتبت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أن الأرض يريد أرض الجنة كقوله: وأورثنا الأرض ، يرثها عبادي الصالحون يعني: المؤمنين العاملين بطاعة الله، ويرثونها كقوله: يرثون الفردوس .

                                                                                                                                                                                                                                      إن في هذا يعني القرآن، لبلاغا لكفاية، يقال في هذا الشيء: بلاغ وبلغة وتبلغ أي كفاية، والمعنى أن من اتبع القرآن وعمل به كان القرآن بلاغه إلى الجنة، وقوله: لقوم عابدين قال كعب: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يصلون الصلوات الخمس، ويصومون شهر رمضان، سماهم عابدين.

                                                                                                                                                                                                                                      ونحو هذا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، أنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العدني، بمكة، نا الفضل بن محمد بن إبراهيم الشعبي، نا عبد الله بن أبي عثمان، نا عبد الرحيم العمي، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، [ ص: 255 ] قرأ إن هذا لبلاغا لقوم عابدين ثم قال: هي الصلوات الخمس في الجماعة في المسجد وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين  قال ابن عباس: يريد للبر والفاجر؛ لأن كل نبي غير محمد إذا كذب أهلك الله من كذبه وأخر من كذبه إلى موت أو قيامة، والذي صدقه عجلنا له الرحمة في الدنيا والآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس، إنما أنا رحمة مهداة"   .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو إبراهيم الصوفي، أنا أبو عمرو بن مطر، أنا محمد بن عبدوس، نا محمد بن عباد، نا مروان بن معاوية، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، فقال: "إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة"  

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية