واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب جنات عدن مفتحة لهم الأبواب متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب
واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه يعني إذ قال لربه : أني مسني الشيطان يقول : أصابني الشيطان بنصب يعني مشقة في جسده وعذاب في ماله.
اركض يعني ادفع الأرض برجلك بأرض الشام ، فنبعت عين من تحت قدمه فاغتسل فيها ، فخرج منها صحيحا ، ثم مشى أربعين خطوة فدفع برجله الأخرى ، فنبعت عين ماء أخرى ، ماء عذب بارد شرب منها ، فذلك قوله : هذا مغتسل الذي اغتسل فيها ، ثم قال : بارد وشراب الذي شرب منه ، وكان داود يأكل سبع سنين وسبعة أشهر ، وسبعة أيام وسبع ساعات متتابعات.
[ ص: 121 ] ووهبنا له أهله ومثلهم معهم فأضعف الله عز وجل له ، وكان له سبع بنين وثلاث بنات قبل البلاء ، وولدت له امرأته بعد البلاء سبع بنين وثلاث بنات ، فأضعف الله له رحمة يعني نعمة منا ، ثم قال : وذكرى يعني تفكر لأولي الألباب يعني أهل اللب والعقل.
وخذ بيدك ضغثا يعني بالضغث القبضة الواحدة ، فأخذ عيدانا رطبة ، وهي الأسل مائة عود عدد ما حلف عليه ، وكان حلف ليجلدن امرأته مائة جلدة فاضرب به ولا تحنث يعني ولا تأثم في يمينك التي حلفت عليها ، فعمد إليها فضربها بمائة عود ضربة واحدة فأوجعها فبرئت يمينه ، وكان اسمها دنيا ، ثم أثنى الله عز وجل على أيوب ، فقال : إنا وجدناه صابرا على البلاء إضمار نعم العبد إنه أواب يعني مطيعا لله تعالى ، لما برأ أيوب فاغتسل كساه جبريل ، عليه السلام ، حلة.
واذكر يا محمد صبر عبادنا إبراهيم حين ألقي في النار "و" صبر وإسحاق للذبح "و" صبر ويعقوب في ذهاب بصره ، ولم يذكر إسماعيل بن إبراهيم لأنه لم يبتل ، واسم أم يعقوب رفقا ، ثم قال : أولي الأيدي يعني أولي القوة في العبادة ، ثم قال : والأبصار يعني البصيرة في أمر الله ودينه.
ثم ذكر الله تعالى هؤلاء الثلاثة إبراهيم وابنيه إسحاق ويعقوب بن إسحاق ، فقال : إنا أخلصناهم للنبوة والرسالة بخالصة ذكرى الدار . حدثنا أبو جعفر ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا داود بن رشيد الوليد ، عن أنه سمع ابن جابر في قوله : عطاء الخراساني أولي الأيدي والأبصار قال : القوة في العبادة ، والبصر بالدين ، إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار يقول : وجعلناهم أذكر الناس لدار الآخرة يعني الجنة.
وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار اختارهم الله على علم للرسالة واذكر صبر إسماعيل هو أشوبل بن هلقانا "و" صبر واليسع "و" صبر وذا الكفل وكل من الأخيار اختارهم الله عز وجل للنبوة ، فاصبر يا محمد على الأذى كما صبر هؤلاء الستة على البلاء.
ثم قال : هذا ذكر يعني هذا بيان ، الذي ذكر الله من أمر الأنبياء في هذه السورة وإن للمتقين من هذه الأمة في الآخرة لحسن مآب يعني مرجع جنات عدن مفتحة لهم الأبواب . [ ص: 122 ] حدثنا أبو جعفر ، قال : حدثنا ابن رشيد ، قال : حدثنا جليد ، عن الحسن في قوله : مفتحة لهم الأبواب قال : أيوب يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها ، يقال لها : انفتحي ، انقفلي ، تكلم فتفهم وتتكلم.
حدثنا ، قال : حدثنا داود بن رشيد الوليد بن مسلم ، قال : سألت زهير بن محمد عن قوله تعالى : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ، قال : ليس في الجنة ليل ، وهم في نور أبدا ، ولهم مقدار الليل بإرخاء الحجب ، ومقدار النهار.
متكئين فيها في الجنة على السرر يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب .