فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب
[ ص: 174 ] قوله : فاطر السماوات والأرض ، يعني خالق السماوات والأرض ، جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، يقول : جعل بعضكم من بعض أزواجا ، بعني الحلائل لتسكنوا إليهن ، ومن الأنعام أزواجا ، يعني ذكورا وإناثا ، يذرؤكم فيه ، يقول : يعيشكم فيه فيما جعل من الذكور والإناث من الأنعام ، ثم عظم نفسه ، فقال : ليس كمثله شيء في القدرة ، وهو السميع لقول كفار مكة ، البصير بما خلق.
له مقاليد السماوات ، يعني مفاتيح بلغة النبط ، مقاليد السماوات ، المطر ، والأرض ، يعني النبات ، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، يقول : يوسع الرزق على من يشاء من عباده ، ويقتر على من يشاء ، إنه بكل شيء من البسط والقتر ، عليم . قوله شرع لكم من الدين ، يقول : بين لكم ، ويقال : سن لكم آثار الإسلام ، ومن هاهنا صلة ، كـ ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ، فيه تقديم ، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ، يعني التوحيد ، ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ، يقول : عظم على مشركي مكة ، ما تدعوهم إليه يا محمد ؛ لقولهم : أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب
، يعني التوحيد ، ثم اختص أولياءه ، فقال : الله يجتبي إليه ، يقول : يستخلص لدينه ، من يشاء (و) هو ويهدي إليه إلى دينه ، من ينيب ، يعني من يراجع التوبة.