وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير
[ ص: 175 ] ثم قال : وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ، يعني البيان ، بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك ، ولولا كلمة الفصل التي سبقت من ربك في الآخرة يا محمد في تأخير العذاب عنهم ، إلى أجل مسمى ، يعني به القيامة ، لقضي بينهم ، بين من آمن وبين من كفر ، ولولا ذلك لنزل بهم العذاب في الدنيا ، حين كذبوا واختلفوا ، ثم قال : وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم قوم نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، أورثوا الكتاب من بعدهم ، اليهود ، والنصارى من بعد أنبيائهم ، لفي شك منه ، يعني من الكتاب الذي عندهم ، مريب . قوله : فلذلك فادع يعني إلى التوحيد ، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ادع أهل الكتاب إلى معرفة ربك ، إلى هذا التوحيد ، واستقم ، يقول : وامض ، كما أمرت بالتوحيد ، كقوله في الزمر : فاعبد الله ، ولا تتبع أهواءهم في ترك الدعاء ، وذلك حين دعاه أهل الكتاب إلى دينهم.
ثم قال : وقل لأهل الكتاب : آمنت ، يقول : صدقت ، بما أنزل الله من كتاب ، يعني القرآن ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، وأمرت لأعدل بينكم ، بين أهل الكتاب في القول ، يقول : أعدل بما آتاني الله في كتابه ، والعدل أنه دعاهم إلى دينه ، قوله : الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، يقول : لنا ديننا الذي نحن عليه ، ولكم دينكم الذي أنتم عليه ، لا حجة ، يقول : لا خصومة ، بيننا وبينكم في الدين ، يعني أهل الكتاب ، نسختها آية القتال في "براءة" ، الله يجمع بيننا ، في الآخرة ، فيجازينا بأعمالنا ، ويجازيكم ، وإليه المصير .