الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سورة الشورى

سورة حم عسق ، مكية ، عددها خمسون وثلاث آيات كوفي

بسم الله الرحمن الرحيم

حم  عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم  له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم  تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم  والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل  وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير  ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير  أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحي الموتى وهو على كل شيء قدير  وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب  

حم . عسق

في أمر العذاب يا محمد ، فيها تقديم ، إليك وإلى الأنبياء من قبلك.

فمن ثم قال : كذلك يوحي إليك يا محمد ، وإلى الذين من قبلك من الأنبياء أنه نازل بقومهم إذا كذبوا الرسل ، ثم عظم نفسه ، فقال له : يا محمد ، إنما ذلك بوحي الله العزيز في ملكه ، الحكيم في أمره.

له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي ، يعني الرفيع فوق خلقه ، العظيم ، فلا أكبر منه.

تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن ، يعني يتشققن من عظمة الرب الذي هو فوقهن ، ثم قال : والملائكة يسبحون بحمد ربهم ، يعني يصلون بأمر ربهم ، ويستغفرون لمن في الأرض ، ثم بين في حم المؤمن ، أي الملائكة هم ، فقال : الذين يحملون العرش ومن حوله ، ثم بين لمن يستغفرون ، فقال : [ ص: 173 ] ويستغفرون للذين آمنوا ، يعني المؤمنين ، فصارت هذه الآية منسوخة ، نسختها الآية التي في حم المؤمن ، ثم قال : ألا إن الله هو الغفور لذنوبهم الرحيم بهم. قوله : والذين اتخذوا من دونه أولياء ، يعبدونها من دون الله ، الله حفيظ عليهم ، يعني رقيب عليهم ، وما أنت عليهم يا محمد ، بوكيل ، يعني بمسيطر.

وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا ليفقهوا ما فيه ، لتنذر ، يعني ولكي تنذر بالقرآن يا محمد أم القرى ، وهي مكة ، وإنما سميت أم القرى؛ لأن الأرض كلها دحيت من تحت الكعبة ، قال : "و" لتنذر يا محمد بالقرآن ومن حولها ، يعني حول مكة من القرى ، يعني قرى الأرض كلها ، "و" لكي وتنذر بالقرآن يوم الجمع ، يعني جمع أهل السماوات ، وجمع أهل الأرض ، لا ريب فيه ، يعني لا شك فيه في البعث أنه كائن ، ثم بعد الجمع يتفرقون ، فريق في الجنة وفريق في السعير ، يعني الوقود ، ثم لا يجتمعون أبدا.

قال : ولو شاء الله لجعلهم ، يعني كفار مكة ، أمة واحدة ، يعني على ملة الإسلام وحدها ، ولكن يدخل من يشاء في رحمته ، يعني في دينه الإسلام ، والظالمون ، يعني مشركي مكة ، ما لهم من ولي ، يعني من قريب ينفعهم في الآخرة ، ولا نصير ، يعني ولا مانع يمنعهم من العذاب ، عذاب النار.

قوله : أم اتخذوا من دونه من الملائكة أولياء ، يعني آلهة ، وهم خزاعة وغيرهم يعبدونها ، فالله هو الولي ، يعني الرب ، وهو يحي الموتى في الآخرة ، وهو على كل شيء من البعث وغيره ، قدير . قوله : وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ، وذلك أن أهل مكة كفر بعضهم بالقرآن ، وآمن بعضهم ، فقال الله تعالى : إن الذي اختلفتم فيه ، فإني أرد قضاءه إلي ، وأنا أحكم فيه ، ثم دل على نفسه بصنعه ، فقال : ذلكم الله ، الذي يحيي الموتى ، ويميت الأحياء ، هو أحياكم ، وهو الله ربي عليه توكلت ، يعني به أثق ، وإليه أنيب ، يقول : إليه أرجع.

التالي السابق


الخدمات العلمية