الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار  عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال  سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار  له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال  

الله يعلم ما تحمل كل أنثى من ذكر وأنثى، كقوله في لقمان: ويعلم ما في الأرحام سويا أو غير سوي، ذكرا أو أنثى، ثم قال: وما تغيض ، يعني وما تنقص الأرحام ، كقوله: وغيض الماء ، يعني ونقص الماء، يعني وما تنقص الأرحام من الأشهر التسعة، وما تزداد وكل شيء من تمام الولد والزيادة في بطن أمه، عنده بمقدار ، يعني قدر خروج الولد من بطن أمه، وقدر مكثه في بطنها إلى خروجه، فإنه يعلم ذلك كله.

ثم قال: علم الغيب ، يعني غيب الولد في بطن أمه، ويعلم غيب كل شيء، والشهادة ، يعني شاهد الولد وغيره، يقول الله: إذا علمت هذا، فأنا الكبير المتعال ، يعني العظيم، لا أعظم منه، الرفيع فوق خلقه.

سواء منكم عند الله من أسر القول ومن جهر به ، يعني بالقول، [ ص: 170 ] ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ، يقول: من هو مستخف بالمعصية في ظلمة الليل، ومنتشر بتلك المعصية بالنهار معلن بها، فعلم ذلك كله عند الله تعالى سواء.

ثم قال لهذا الإنسان المستخفي بالليل، السارب بالنهار مع علمي بعمله له معقبات من الملائكة من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ، يعني بأمر الله من الإنس والجن مما يقدر أن يصيبه حتى تسلمه المقادير، فإذا أراد الله أن يغير ما به لم تغن عنه المعقبات شيئا، ثم قال: إن الله لا يغير ما بقوم من النعمة، حتى يغيروا ما بأنفسهم ، يعني كفار مكة، نظيرها من الأنفال: ذلك بأن الله إلى آخر الآية.

والنعمة أنه بعث فيهم رسولا من أنفسهم، وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، فغيروا هذه النعمة، فغير الله ما بهم، فذلك قوله: وإذا أراد الله بقوم سوءا ، يعني بالسوء العذاب، فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ، يعني ولي يرد عنهم العذاب.

التالي السابق


الخدمات العلمية