الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا  أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا  كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا  ونرثه ما يقول ويأتينا فردا  واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا  كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا  

أفرأيت الذي كفر بآياتنا ، آيات القرآن، نزلت في العاص بن وائل بن هشام بن سعد بن سعيد بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي السهمي ، وذلك أن خباب بن الأرت صاغ له شيئا من الحلي، فلما طلب منه الأجر، قال لخباب ، وهو مسلم حين [ ص: 321 ] طلب أجر الصياغة: ألستم تزعمون أن في الجنة الحرير والذهب والفضة وولدان مخلدون ؟ قال خباب بن الأرت: نعم، قال العاص : فميعاد ما بيننا الجنة، وقال لأوتين في الجنة، يعني في الآخرة، مالا وولدا أفضل مما أوتيت في الدنيا، فأقضيك في الآخرة، يقول ذلك مستهزئا؛ لأنه لا يؤمن بما في القرآن من الثواب والعقاب.

يقول الله تعالى: أطلع على الغيب ، يعني العاص ، حين يقول: إنه يعطى في الآخرة ما يعطى المؤمنون، أم اتخذ عند الرحمن عهدا ، يقول: أم اعتقد عند الرحمن التوحيد.

كلا لا يعطى العاص ما يعطى المؤمنون، ثم استأنف، فقال سبحانه: سنكتب ما يقول ، يعني من الحفظة من الملائكة  تكتب ما يقول العاص أنه يعطى ما يعطى المؤمنون في الجنة، ونمد له من العذاب مدا ، يعني الذي لا انقطاع له.

ونرثه ما يقول أنه يعطى في الجنة ما يعطى المؤمنون، فنرثه عنه ويعطاه غيره، ثم قال سبحانه: ويأتينا فردا ، العاص في الآخرة، ليس معه شيء من دنياه.

ثم ذكر كفار مكة: العاص ، والنضر ، وأبا جهل ، وغيرهم، فقال سبحانه: واتخذوا من دون الله آلهة ، يعني اللات، والعزى، ومناة، وهبل، ليكونوا لهم عزا ، يعني منعا يمنعونهم من الله عز وجل، نظيرها في يس: واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون ، يعني يمنعون.

يقول الله عز وجل: كلا لا تمنعهم الآلهة من الله، ثم استأنف فقال: سيكفرون بعبادتهم ، يقول: ستبرأ الآلهة في الآخرة من كل من كان يعبدها في الدنيا، ويكونون عليهم ضدا ، يقول: تكون آلهتهم يومئذ لهم أعداء، كقوله سبحانه: لتكونوا شهداء على الناس ، يعني للناس، وكقوله سبحانه: وما ذبح على النصب ، يعني للنصب.

التالي السابق


الخدمات العلمية