الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين فانظر إلى آثار رحمت الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى وهو على كل شيء قدير ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون
ثم أخبر عن صنعه ليعرف توحيده ، فقال عز وجل : الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا يقول : يجعل الريح السحاب قطعا يحمل بعضها على بعض فيضمه ، ثم يبسط السحاب في السماء كيف يشاء الله تعالى ، إن شاء بسطه على مسيرة يوم ، أو بعض يوم ، أو مسيرة أيام يمطرون ، فذلك قوله عز وجل : فترى الودق يخرج يعني المطر يخرج من خلاله يعني من خلال السحاب فإذا أصاب به يعني بالمطر من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون يعني إذا هم يفرحون بالمطر عليهم.
وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله يعني من قبل نزول المطر في السنين السبع حين قحط عليهم المطر لمبلسين يعني آيسين من المطر ، فانظر يا محمد إلى آثار رحمت الله يعني النبت من آثار المطر كيف يحي الأرض بعد موتها بالمطر فتنبت من بعد موتها حين لم يكن فيها نبت ، ثم دل على نفسه ، فقال : إن ذلك يقول : إن هذا الذي فعل ما ترون لمحي الموتى في الآخرة ، فلا تكذبوا بالبعث ، يعني كفار مكة ، ثم قال تعالى : وهو على كل شيء قدير من البعث وغيره ، ثم وعظهم ليعتبروا ، فقال عز وجل :
[ ص: 16 ] ولئن أرسلنا ريحا على هذا النبت الأخضر فرأوه النبت مصفرا من البرد بعد الخضرة لظلوا من بعده يكفرون برب هذه النعم ، ثم عاب كفار مكة ، فضرب لهم مثلا ، فقال عز وجل : فإنك يا محمد لا تسمع الموتى النداء فشبه الكفار بالأموات يقول : فكما لا يسمع الميت النداء ، فكذلك الكفار لا يسمعون الإيمان ولا يفقهون ، ثم قال : ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين فشبهوا أيضا بالصم إذا ولوا مدبرين ، يقول : إن الأصم إذا ولى مدبرا ، ثم ناديته لا يسمع الدعاء ، فكذلك الكافر لا يسمع الإيمان إذا دعي.
وما أنت يعني النبي صلى الله عليه وسلم بهاد العمي للإيمان يقول : عموا عن الإيمان عن ضلالتهم يعني كفرهم الذي هم عليه ، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن يسمع الإيمان ، فقال سبحانه : إن تسمع بالإيمان إلا من يؤمن بآياتنا يعني يصدق بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل فهم مسلمون يعني فهم مخلصون بالتوحيد.