الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا الظل ولا الحرور  وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور  إن أنت إلا نذير  إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير  وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير  ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير  ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود  ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور  إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور  ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور  

ولا الظل يعني الجنة ولا الحرور يعني النار.

[ ص: 76 ] وما يستوي الأحياء المؤمنين ولا الأموات يعني الكفار ، والبصير ، والظل والنور ، والأحياء ، فهو مثل المؤمن ، والأعمى ، والظلمات ، والحرور ، والأموات ، فهو مثل الكافر ، ثم قال جل وعز : إن الله يسمع الإيمان من يشاء وما أنت يا محمد بمسمع من في القبور وذلك أن الله جل وعز شبه الكافر من الأحياء حين دعوا إلى الإيمان فلم يسمعوا ، بالأموات أهل القبور الذين لا يسمعون الدعاء.

ثم قال للنبي ، عليه السلام ، حين لم يجيبوه إلى الإيمان : إن أنت إلا نذير ما أنت إلا رسول إنا أرسلناك بالحق لم نرسلك رسولا باطلا لغير شيء بشيرا لأهل طاعته بالجنة ونذيرا من النار لأهل معصيته ، ثم قال : وإن من أمة وما من أمة فيما مضى إلا خلا فيها نذير إلا جاءهم رسول غير أمة محمد ، فإنهم لم يجئهم رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يجيئهم إلى يوم القيامة.

وإن يكذبوك يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر فلست بأول رسول كذب فقد كذب الذين من قبلهم من الأمم الخالية جاءتهم رسلهم بالبينات بالآيات التي كانوا يصنعون ويخبرون بها وبالزبر وبالأحاديث التي كانت قبلهم من المواعظ وبالكتاب المنير المضيء الذي فيه أمره ونهيه.

ثم أخذت الذين كفروا بالعذاب فكيف كان نكير تغييري الشر.

ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء يعني المطر فأخرجنا به بالماء ثمرات مختلفا ألوانها بيض وحمر وصفر ومن الجبال أيضا جدد بيض وحمر مختلف ألوانها يعني بالجدد الطرائق التي تكون في الجبال منها أبيض وأحمر "و" منها وغرابيب سود يعني الطوال السود.

ثم قال جل وعز : ومن الناس والدواب والأنعام بيض وحمر وصفر وسود مختلف ألوانه اختلاف ألوان الثمار ، ثم قال جل وعز : كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء فيها تقديم يقول : أشد الناس لله عز وجل خيفة أعلمهم بالله تعالى أن الله عزيز في ملكه غفور لذنوب المؤمنين.

إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة في مواقيتها وأنفقوا مما رزقناهم من الأموال سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور لن تهلك ، هؤلاء قوم من المؤمنين أثنى الله جل وعز عليهم.

[ ص: 77 ] ليوفيهم أجورهم ليوفي لهم أعمالهم ويزيدهم على أعمالهم من الجنة من فضله إنه غفور للذنوب العظام شكور لحسناتهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية