الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون  أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين  وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم  قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم  الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون  

فلا يحزنك قولهم كفار مكة إنا نعلم ما يسرون من التكذيب وما يعلنون يظهرون من القول بألسنتهم حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف يبعث الله هذا العظم علانية ، نزلت في أبي بن خلف الجمحي في أمر العظم ، وكان قد أضحكهم بمقالته فهذا الذي أعلنوا ، وذلك أن أبا جهل ، والوليد بن المغيرة ، وعتبة ، وشيبة ابني ربيعة ، وعقبة ، والعاص بن وائل ، كانوا جلوسا ، فقال لهم أبي بن خلف ، قال لهم في النفر من قريش : إن محمدا يزعم أن الله يحيي الموتى ، وأنا آتيه بعظم فأسأله كيف يبعث الله هذا ؟ فانطلق أبي بن خلف فأخذ عظما باليا ، حائلا نخرا ، فقال : يا محمد ، تزعم أن الله يحيي الموتى بعد إذ بليت عظامنا وكنا ترابا ، تزعم أن الله يبعثنا خلقا جديدا ، ثم جعل يفت العظم ، ثم يذريه في الريح ، ويقول : يا محمد من يحيي هذا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يحيي الله عز وجل هذا ، ثم يميتك ، ثم يبعثك ، ثم يدخلك نار جهنم".

فأنزل الله عز وجل في أبي بن خلف : أولم ير الإنسان يعني أولم يعلم الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين
بين الخصومة فيما يخاصم النبي صلى الله عليه وسلم عن البعث ، ثم قال : وضرب لنا مثلا وصف لنا شبها في أمر العظم ونسي خلقه [ ص: 93 ] وترك المنظر في بدء خلق نفسه؛ إذ خلق من نطفة ، ولم يكن قبل ذلك شيئا فـ قال من يحي العظام وهي رميم يعني بالية.

قل يا محمد لأبي يحييها يوم القيامة الذي أنشأها خلقها أول مرة في الدنيا ولم تك شيئا وهو بكل خلق عليم عليم بخلقهم في الدنيا ، عليم بخلقهم في الآخرة بعد الموت خلقا جديدا.

الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون فالذي يخرج من الشجر الأخضر النار ، فهو قادر على البعث ، ثم ذكر ما هو أعظم خلقا من خلق الإنسان.

التالي السابق


الخدمات العلمية