وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين
وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها قال : قد بين الله -عز وجل- كل ما تقولون ؛ إذا ركبتم في البر ، وإذا ركبتم في البحر ؛ إذا ركبتم في البر قلتم : قتادة سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإذا ركبتم في البحر قلتم : بسم الله مجراها ومرساها .
قال : من قرأ : محمد بسم الله مجراها ومرساها بضم الميمين جميعا فمعنى ذلك : بالله إجراؤها ، وبالله إرساؤها ؛ يقال : جرت السفينة [ ص: 291 ] وأجريتها أنا مجرى وإجراء في معنى واحد ، ورست وأرسيتها مرسى وإرساء .
قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم يعني : الذين كانوا في السفينة .
قال : محمد لا عاصم في معنى : لا معصوم ؛ كما قالوا : ماء [دافق] بمعنى مدفوق .
وغيض الماء أي : نقص .
قال : يقال : غاض الماء يغيض إذا غاب في الأرض . محمد
وقرأ بعضهم (غيض الماء) بإشمام الضم في الغين ، ومن قرأ بهذا أراد الأصل فعل ، ومن كسر فللياء التي بعد فاء الفعل .
وقضي الأمر فرغ منه ؛ يعني : هلاك قوم نوح .
واستوت على الجودي جبل بالجزيرة .
قال : وبلغني أن السفينة لما أرادت أن تقف ، تطاولت لها الجبال كل جبل منها يحب أن تقف عليه ، وتواضع الجودي ، فجاءت حتى وقفت عليه ، وأبقاها الله -عز وجل- عبرة وآية حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة ، [ ص: 292 ] وبلغني أنها استقلت بهم في عشر خلون من رجب ، وكانت في الماء خمسين ومائة يوما ، واستقرت بهم على الجودي شهرا ، وأهبطوا إلى الأرض في عشر خلون من المحرم . قتادة
قال : وذكر لنا أن قتادة نوحا عليه السلام بعث الغراب لينظر إلى الماء ؛ فوجد جيفة فوقع عليها ، فبعث إليه [الحمامة] فأتته بورق زيتون ، فأعطيت الطوق الذي في عنقها وخضاب رجليها .