الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      تفسير سورة النحل وهي من أولها إلى صدر هذه الآية : والذين هاجروا في الله مكي ، وسائرها مدني .

                                                                                                                                                                                                                                      (بسم الله الرحمن الرحيم)

                                                                                                                                                                                                                                      أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون  ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون  خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون  خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين  والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون  ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم  والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : أتى أمر الله فلا تستعجلوه تفسير الحسن : هذا جواب من الله لقول المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم : ائتنا بعذاب الله ، ولقولهم : عجل لنا قطنا وأشباه ذلك ؛ فقال الله : أتى أمر الله فلا تستعجلوه أي : أن العذاب آت قريب سبحانه ينزه نفسه وتعالى ارتفع عما يقول المشركون [ ص: 395 ] من الإشراك به ينزل الملائكة بالروح في تفسير السدي) من أمره أي : بأمره .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (سمي الوحي روحا لأن به) حياة من الجهل .

                                                                                                                                                                                                                                      على من يشاء من عباده أن أنذروا بأن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون أن تعبدوا معي إلها .

                                                                                                                                                                                                                                      خلق السماوات والأرض بالحق للبعث والحساب ، والجنة والنار خلق الإنسان من نطفة يعني : المشرك ، في تفسير الحسن فإذا هو خصيم مبين بين الخصومة .

                                                                                                                                                                                                                                      والأنعام خلقها لكم يعني : الإبل والبقر والغنم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : نصب (الأنعام) على فعل مضمر ؛ المعنى : وخلق الأنعام لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      فيها دفء يعني : ما يصنع من الكسوة من أصوافها وأوبارها وأشعارها ومنافع في ظهورها ؛ هذه الإبل والبقر وألبانها في جماعتها .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون أي : حين تروح عليكم راجعة من الرعي وحين تسرحون بها إلى الرعي ، هذا تفسير الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : راحت الماشية وأرحتها ، وسرحت وسرحتها ؛ الرواح : بالعشي ، والسروح : بالغدو . ومعنى (لكم فيها جمال) أي : إذا قيل : [ ص: 396 ] هذا مال فلان .

                                                                                                                                                                                                                                      وتحمل أثقالكم يعني : الإبل والبقر إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس يقول : لولا أنها تحمل أثقالكم إلى البلد الذي تريدونه ، لم تكونوا بالغي ذلك البلد إلا بمشقة على أنفسكم إن ربكم لرءوف رحيم يقول : فبرأفة الله ورحمته سخر لكم هذه الأنعام ، وهي للكافر رحمة الدنيا ليرزقه فيها من النعم .

                                                                                                                                                                                                                                      والخيل يقول : وخلق الخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة في ركوبها ، تفسير قتادة : خلقها الله للركوب وللزينة ويخلق ما لا تعلمون من الأشياء كلها مما لم يذكر لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية