وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون
وأوحى ربك إلى النحل أي : ألهمها ومما يعرشون أي : يبنون فاسلكي سبل ربك يعني : طرق ربك التي جعل لك ذللا قال : يعني : ذللت لها السبل لا يتوعر عليها مكان مجاهد يخرج من بطونها شراب يعني : العسل مختلف ألوانه فيه شفاء للناس أي : دواء .
ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا يقول : يصير بمنزلة الطفل الذي لا يعقل شيئا .
والله فضل بعضكم على بعض الآية ، يقول : هل منكم من أحد يكون هو ومملوكه وأهله وماله شركاء سواء ؛ أي : أنكم لا تفعلون ذلك بمملوكيكم ؛ فالله أحق ألا يشرك به أحد من خلقه .
أفبنعمة الله يجحدون على الاستفهام أي : قد فعلوا ذلك .
والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا يعني : نساء وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة تفسير الحسن : الحفدة : الخدم يعني : بذلك ولده وولد ولده ، يقال : إنهم بنون وخدم .
قال : وأصل الحفد : الخدمة والعمل ، ومنه يقال في القنوت : " وإليك نسعى ونحفد " أي : نعمل بطاعتك . محمد
[ ص: 411 ] أفبالباطل يؤمنون على الاستفهام أي : قد آمنوا بالباطل ، والباطل : إبليس وبنعمت الله هم يكفرون هو كقوله : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا .
ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون يعني : الأوثان التي يعبدون ، هو كقوله : ولا يملكون لأنفسهم يعني : الأوثان ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا .
فلا تضربوا لله الأمثال فتشبهوا هذه الأوثان الميتة التي لا تحيي ولا تميت ولا ترزق بالله الذي يحيي ويميت ويرزق ، ويفعل ما يريد .