ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي قال فما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما
ولقد قال لهم هارون من قبل أي : من قبل أن يرجع إليهم موسى حين اتخذوا العجل يا قوم إنما فتنتم به يعني : العجل وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح أي : لن نزال عليه عاكفين نعبده حتى يرجع إلينا موسى .
قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي أي : ولم تنتظر ميعادي ، وقد استخلفتك فيهم .
قال : من قرأ (يا ابن أم) بفتح الميم وموضعها جر فإنما ذلك ؛ لأن (ابن وأم) جعلا شيئا واحدا ، وبنيا على الفتح مثل خمسة عشر . محمد
قال ثم أقبل موسى على السامري فقال له : فما خطبك أي : ما حجتك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به يعني : بني إسرائيل ، وكان الذي رأى : فرس جبريل .
قال : يقول أهل اللغة : بصر الرجل يبصر ؛ إذا صار عليما بالشيء ، [ ص: 125 ] وأبصر يبصر ، إذا نظر . محمد
فقبضت قبضة من أثر الرسول يعني : من تحت حافر فرس جبريل فنبذتها أي : ألقيتها في العجل ، يعني : حين صاغه ، وكان صائغا وكذلك سولت لي نفسي أي : وقع في نفسي أني إذا ألقيتها في العجل خار . قال : وكان قتادة السامري من عظماء بني إسرائيل ، من قبيلة يقال لها : سامرة ، ولكن نافق بعدما قطع البحر مع بني إسرائيل قال له موسى : فاذهب فإن لك في الحياة يعني : حياة الدنيا أن تقول لا مساس يعني : لا تخالط الناس ، ولا يخالطونك) فهذه عقوبتك في الدنيا ، ومن كان على دينك إلى يوم القيامة ، والسامرة صنف من اليهود .
قال : يقال : السامرة حتى الآن بأرض قتادة الشام ، يقولون : لا مساس .
قوله : وإن لك موعدا لن تخلفه يعني : يوم القيامة فيجزيك الله فيه بأسوإ عملك وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه أي : صرت عليه عاكفا على عبادته لنحرقنه ثم لننسفنه .
: النسف : التذرية . محمد
قال الكلبي : ذبحه موسى ، ثم أحرقه بالنار ، ثم ذراه في البحر .
وسع كل شيء قال : ملأ ربي كل شيء قتادة علما يقول : لا يكون [ ص: 126 ] شيء إلا بعلم الله .