بسم الله الرحمن الرحيم
يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون
قوله : يس تفسير يا إنسان ، بقوله للنبي عليه السلام . قال قتادة : قيل : إنها بلغة طيئ . محمد :
والقرآن الحكيم المحكم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم أقسم للنبي بالقرآن أنه من المرسلين على دين مستقيم تنزيل أي : هو تنزيل ، يعني : القرآن العزيز الرحيم لتنذر قوما يعني : قريشا ما أنذر آباؤهم قال بعضهم : يعني : الذي أنذر آباءهم فهم غافلون يعني : في غفلة من البعث لقد حق القول سبق على أكثرهم يعني : من لا يؤمن منهم إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون [مغلولون] يقول : هم فيما ندعوهم إليه من الهدى بمنزلة الذي في عنقه [ ص: 39 ] الغل ، فهو لا يستطيع أن يبسط يده ، أي : أنهم لا يقبلون الهدى و (المقمح ) في تفسير الحسن : الطامح ببصره الذي لا يبصر حيث يطأ بقدمه; أي : أنهم لا يبصرون الهدى .
قال قوله : محمد : فهي إلى الأذقان فهي ) كناية عن الأيدي لا عن الأعناق; لأن الغل يجعل اليد تلي الذقن والعنق . والمقمح في كلام العرب : الرافع رأسه الغاض بصره . وقيل أقماح; لأن الإبل إذا وردت الماء ترفع رءوسها لشدة برودته .
قال الشاعر - يذكر سفينة - :
([ونحن على جوانبها قعود] نغض الطرف كالإبل القماح )
واحد القماح : قامح وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا هو كقوله : وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة [قال : كان ناس من المشركين من قريش يقول بعضهم : لو قد رأيت محمدا لقد فعلت كذا وكذا ويقول بعضهم : لو قد رأيته لفعلت به كذا وكذا فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم في حلقة من المسجد ، فوقف عليهم فقرأ عليهم : يس والقرآن الحكيم [ ص: 40 ] حتى بلغ : فهم لا يبصرون ثم أخذ ترابا; فجعل يذروه على رءوسهم ، فما رفع رجل إليه طرفه ولا تكلم كلمة . ثم جاوز النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينفضون التراب عن رءوسهم ولحاهم وهم يقولون : والله ما سمعنا ، وما أبصرنا ، وما عقلنا!] .