الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار  أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب  قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب  

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا مس الإنسان ضر يعني : مرضا دعا ربه منيبا إليه أي : دعاه بالإخلاص أن يكشف عنه ثم إذا خوله نعمة منه أي : عافاه من ذلك المرض نسي ما كان يدعو إليه من قبل هو كقوله : مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 105 ] قال محمد : كل شيء أعطيته فقد خولته ومن هذا قول زهير :

                                                                                                                                                                                                                                      (هنالك إن يستخولوا المال يخولوا وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا )

                                                                                                                                                                                                                                      ويقال : فلان يخول أهله إذا رعى غنمهم ، أو ما أشبه ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وجعل لله أندادا يعني : الأوثان; الند في اللغة : العدل ليضل عن سبيله أي : يتبعه على ذلك غيره قل يا محمد للمشرك : تمتع في الدنيا بكفرك قليلا أي أن بقاءك في الدنيا قليل إنك من أصحاب النار .

                                                                                                                                                                                                                                      أمن هو قانت يعني (مصل آناء الليل يعني : ساعات الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة أي : يخاف عذابها ويرجو رحمة ربه يعني : الجنة يقول : أمن هو قانت إلى آخر الآية ، كالذي جعل لله أندادا فعبد الأوثان دوني ، ليس مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : أصل القنوت الطاعة ، وقرأ نافع (أمن ) بالتخفيف .

                                                                                                                                                                                                                                      قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون أي : هل يستوي هذا المؤمن الذي يعلم أنه ملاق ربه ، وهذا المشرك الذي جعل لله [ ص: 106 ] الأنداد; أي : أنهما لا يستويان إنما يتذكر إنما (يقبل ) التذكرة أولو الألباب أصحاب العقول; وهم المؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      للذين أحسنوا آمنوا في هذه الدنيا حسنة أي : في الآخرة; وهي الجنة وأرض الله واسعة هو كقوله : يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون في الأرض التي أمركم أن تهاجروا إليها; يعني : المدينة إنما يوفى الصابرون يعني : الذين صبروا على طاعة الله أجرهم الجنة بغير حساب . يقول : لا حساب عليهم في الجنة ، كقوله : يرزقون فيها بغير حساب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية