الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الصاد

208 - ذكر صفوان بن سليم تابعي مدني رضي الله عنه

قال مالك بن أنس: كان صفوان يصلي في الشتاء في السطح في قميص واحد، وفي الصيف في بطن البيت حتى يصبح لئلا ينام.

ثم يقول: هذا الجهد من صفوان ، وأنت أعلم، وإنه لترم رجلاه حتى تعودا مثل السقط ويظهر فيها عروق خضر من قيام الليل.

وقال أبو عيينة: حج صفوان ومعه سبعة دنانير فاشترى بها بدنة وقال: إني سمعت الله يقول: لكم فيها خير .

وقال أبو مروان: انصرفت مع صفوان بن سليم من العيد إلى منزله فجاء بخبز وملح، فجاء سائل فقام إلى كوة في البيت فأعطاه دينارا.

وقدم سليمان بن عبد الله المدينة وعمر بن عبد العزيز عامله عليها فصلى [ ص: 819 ] بالناس الظهر ثم فتح باب المقصورة واستند إلى المحراب، واستقبل الناس بوجهه فنظر إلى صفوان بن سليم عن غير معرفة فقال: يا عمر من هذا الرجل؟ ما رأيت سمتا أحسن منه، قال: يا أمير المؤمنين هذا صفوان بن سليم ، قال: يا غلام كيس فيه خمس مائة دينار فأتي به فقال لخادمه: ترى هذا الرجل القائم يصلي فوصفه للغلام حتى أثبته فخرج الغلام بالكيس حتى جلس إلى صفوان ، فلما نظر إليه صفوان ركع وسجد ثم سلم فأقبل عليه وقال: ما حاجتك؟ قال: أمرني أمير المؤمنين وهو ذا ينظر إليك وإلي، أن أدفع إليك هذا الكيس فيه خمس مائة دينار، ويقول لك: استعن بهذه على زمانك وعلى عيالك، قال: لست بالذي أرسلت إليه قال: ألست صفوان بن سليم؟ قال: بلى أنا صفوان بن سليم ، قال: فإليك أرسلت.

قال: اذهب فاستثبت وأنا هاهنا جالس، فولى الغلام وأخذ صفوان نعليه فلم ير بها حتى خرج سليمان من المدينة.

وقال سفيان: جاء رجل من أهل الشام، فقال: دلوني على صفوان بن سليم فإني رأيته دخل الجنة.  

فقلت: قال: بقميص كساه إنسانا، فسأل بعض إخوان صفوان عن قصة القميص فقال: خرجت من المسجد في ليلة باردة فإذا رجل عار فنزعت قميصي فكسوته [ ص: 820 ] .

وعن عبد الرحمن بن حسن بن أسلم ، أن صفوان بن سليم دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى مسكينا يقول: من قمصني قميصا قمصه الله قميصا في الجنة،  فنزع صفوان قميصه فأعطاه المسكين، فرأى رجل من أهل الخير، كان صالحا، ثلاث ليال إذا رأيت صفوان أخبره أن الله تعالى قمصه قميصا من الجنة ليلة كذا وكذا، فخرج الرجل حتى أتى المدينة، فأتى علي بن حسين ، فقال له: أرسل إلى صفوان ، فبعث إليه فلما جاء صفوان أخبره الرجل بما رأى، قال علي بن حسين ، لصفوان ، أقسمت عليك لتخبرني ما كان من تلك الليلة، فبكى صفوان فأخبره بأمر القميص.

التالي السابق


الخدمات العلمية