الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أخبرني أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار ، حدثنا ابن أبي سعد ، حدثنا أبو الفضل بن أبي طاهر قال: صحف رجل قول النبي صلى الله عليه وسلم "عم الرجل [ ص: 62 ] صنو أبيه"  فقال: عم الرجل ضيق أبيه .

وأخبرنا ابن عمار ، حدثنا ابن أبي سعد ، عن زكريا بن مهران قال صحف بعضهم [قوله ]: "لا يورث حميل إلا ببينة"  فقال: "لا يرث جميل إلا بثينة" قلت [ ص: 63 ] أنا: الحميل ما يحمل من بلاد الروم وغيرها من السبي وهم [ ص: 64 ] صغار فيدعي بعضهم أنساب بعض فلا يقبل ذلك منهم إلا ببينة . وقالوا: الحميل المنبوذ يحمله قوم فيرثونه ويقال للدعي أيضا: حميل . قال الكميت:


علام نزلتم من غير فقر ولا ضراء منزلة الحميل



ويسمى الولد في بطن الأم إذا أخذت من بلاد الشرك: حميلا ، والحميل أيضا: الغثاء ، وما يحمله السيل .

وفي الحديث "فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل" والحبة مكسورة الحاء ، هكذا أكثر الرواية ، وهي بزور [ ص: 65 ] البقل ، ويقال: الحبة نبت ينبت في الحشيش صغار ، وقالوا: الحبة إذا كانت حبوبا مختلفة من كل شيء ، وتجمع حب الرياحين حبة ، الواحدة حبة . والرواية الصحيحة الحبة بكسر الحاء .

وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبدان ، حدثنا محمد بن أحمد بن البراء [قال ]: كان بواسط وراق ينظر في الأدب والشعر ولا يعرف شيئا من الحديث ، وكان لعمرو بن عون الواسطي وراق مستمل يلحن كثيرا ، فقال: أخروه ، وتقدم إلى الوراق الذي كان ينظر في الأدب أن يقرأ عليه ، فبدأ فقال: حدثكم هشيم . فقال: هشيم ويحك! ، فقال: عن حصين . فقال: حصين ويلك ، ثم قال [عمرو بن عون ]: ردوا إلي الوراق الأول فإنه وإن كان يلحن فليس يمسخ .

وحدثني علي بن محمد التستري قال حضرني أحمد بن يحيى بن زهير التستري ورجل من أصحاب الحديث يقول له: كيف حدثت الزبير بن خريت ؟ فقال ابن زهير: لا خريت ولا كنت [ ص: 66 ] قلت أنا: إنما هو الزبير بن الخريت الخاء مكسورة والراء مشددة وأخوه الحريش بن الخريت وأصحاب الحديث يجمعون أحاديثهما لقلتها . والخريت: الدليل الحاذق ، من قولهم: دليل خريت كأنه يدخل في خرت الإبرة وهي ثقبها من حذقه ودلالته .

أخبرنا محمد بن يحيى ، أنبأنا الغلابي عن [ ص: 67 ] [ابن ] عائشة قال: قدم شريك البصرة ، فقام إليه رجل [فقال ] حدثنا بحديث ثابت البناني . فقال شريك بالنبطية: لكوازي لكوازي ، أي ليس هو سمك .

وأخبرنا أحمد بن عمار ، حدثنا ابن أبي سعد ، عن عبد الله بن عبد الجبار قال: صحف إنسان قول عبيد بن الأبرص:

[ ص: 68 ] حال الجريض دون القريض . فقال: [حال ] الحريص دون القريص .

وأخبرنا أبو العباس بن عمار ، حدثنا ابن أبي سعد ، [ ص: 69 ] عن الرياشي ، حدثنا معمر ، حدثنا عبد الوارث ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال: "إن المؤمن لتجتمع عليه الذنوب فيحارف بها عند الموت أو القتل" .  

قال الرياشي: يحارف: يقايس ، وأنشد:


ألا ليت أن الله ربي يحبني     وعمرا كما أحببت أم حبيب
[ ص: 70 ] إذا ما دخلت النار إلا تحلة     ولا حورفت أعمالنا بذنوب



قال ابن أبي سعد: فسمعت رجلا يقرؤه على الرياشي يجازف بالجيم والزاي ، قال الرياشي: يأخذون هذا فيروونها عني هكذا ، فإذا قيل: يحارف ، قال: حدثنا الرياشي! أفترون الرياشي كان يخطئ ويصحف ؟! .

قلت أنا: المحرف . وقيل: المحراف: الميل الذي تسبر به الجراحات ليقايس بها عند القصاص .

حدثنا عبد الله بن محمد بن الحجاج ، حدثنا الأبار قال: قال عفان: كان عثمان البري يغلط في الحديث ، وكان يقول: اكتب زييد بن المصلت ، هيه والناس يقولون زييد بن الصلت ، ثم يضحك ، قلت أنا: هذا مما يصحف [ ص: 71 ] فيه كثير ، وهو زييد بن الصلت الكندي أخو كثير بن الصلت ، بعد الزاي ياءان تحت كل واحدة منهما نقطتان وتضم الزاي وتكسر .

التالي السابق


الخدمات العلمية