مسألة: لا يسن . وقال الجهر بالبسملة يسن. الشافعي:
لنا حديثان [ ص: 349 ] [ ص: 350 ]
الحديث الأول:
456 - أخبرنا ، أنبأنا هبة الله بن محمد أبو علي الحسن بن علي ، قال: أنبأنا ، حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر ، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثنا وكيع ، عن شعبة قتادة أنس ، قال: "صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر ، وعمر ، وعثمان وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم" أخرجه عن ، البخاري في الصحيحين ، ولفظ حديثهما ومسلم بسم الله الرحمن الرحيم . وفي لفظ "فلم أسمع أحدا منهم يقرأ وقد روينا في لفظ متقدم "كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين" . "كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين"
الحديث الثاني:
457 - أخبرنا ، قال: أنبأنا ابن الحصين ، حدثنا ابن المذهب ، حدثنا [ ص: 351 ] القطيعي ، قال: حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أحمد عفان ، قال: حدثنا وهيب ، عن أبي مسعود الجريري سعيد بن إياس ، عن قيس بن عباية ، قال: حدثنا ابن عبد الله بن مغفل ، قال: "سمعني أبي وأنا أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين فلما انصرف قال: يا بني إياك والحدث في الإسلام فإني صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفأبي بكر ، وعمر ، وعثمان فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم ولم أر رجلا قط أبغض إليه الحدث منه" ورواه فقال: فيه الترمذي ، وأبي بكر وعمر ، وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقول" . ثم إن مذهبنا مروي عن "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، ، وابن مسعود ، وعمار بن ياسر وعبد الله بن مغفل ، ، وابن الزبير وقال به من كبراء التابعين ومن بعدهم وابن عباس الحسن ، والشعبي ، ، وسعيد بن جبير وإبراهيم ، وقتادة ، وعمر ابن عبد العزيز ، والأعمش ، والثوري ، ، ومالك وأبو حنيفة ، في خلق كثير وإنما يروى خلاف هذا عن وأبو عبيد معاوية ، وعطاء ، ، وطاوس . ومجاهد
وقد سلك أصحاب في الاعتراض على أحاديثنا أربعة مسالك: الشافعي
المسلك الأول: الطعن فتعرضوا لحديث أنس بشيئين: أحدهما: أنه قد نقل عنه ضد هذا وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر على ما سنذكره في حجتهم. والثاني: أنه قد روي عنه إنكار هذا في الجملة.
458 - أخبرنا ، أنبأنا هبة الله بن محمد ، أنبأنا الحسن بن علي ، حدثنا أحمد بن جعفر ، قال: حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا غسان بن مضر سعيد بن يزيد أبو مسلمة ، قال: سألت أنسا "أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم أو الحمد لله رب العالمين فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه أو ما سألني عنه أحد قبلك" قال : إسناده صحيح. قالوا: وحديث الدارقطني ابن المغفل يرويه قيس بن عباية وقد حكى الخطيب أن بعض الفقهاء قال: قيس غير ثابت الرواية قال الخطيب: وابن مجهول. عبد الله بن المغفل
المسلك الثاني: التأويل قالوا" أما قوله فليس في الصحيح ويحتمل أنهم ما كانوا يجهرون بها كجهرهم ببقية السورة؛ وهذا لأن القارئ يبتدئ القراءة خفيف الصوت ثم يرفعه يدل عليه قول "فكانوا لا يجهرون" أنس "فلم أسمع أحدا منهم يجهر بها" وهذا يدل على أنه سمعها منهم وإذا سمع المأموم قراءة الإمام فهذا هو الجهر. ثم قوله لم أسمع [ ص: 352 ] شهادة منه ومن ابن المغفل على النفي فيحتمل أنهما لم يسمعا لبعدهما عن الإمام وقد كان أنس صبيا حينئذ وإنما كان يتقدم الأكابر. وقوله كانوا يفتتحون بالحمد: أي بالسورة.
المسلك الثالث: المعارضة ، وقد احتجوا بأحاديث رواها ، الدارقطني والخطيب تلخيصها في تسعة نسردها من غير إسناد لئلا يطول الكتاب ، ونبين عللها فكأننا بذكر العلل قد ذكرنا الأسانيد ، على أننا قد ذكرنا في المسألة قبلها ما يصلح للاحتجاج به ههنا وإنما نذكر الآن ما يختص بالجهر.
الحديث الأول:
459 - ، قال: "صليت خلف نعيم المجمر فقال: وفي لفظ فقرأ أبي هريرة بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن فلما سلم قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله" . عن
الحديث الثاني:
460 - عن أيضا أبي هريرة وفي لفظ عن "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أم الناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبي هريرة جبريل الصلاة فقام فكبر لنا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر به في كل ركعة" وقد رواه "علمني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النعمان بن بشير جبريل عند البيت فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم" . "أمني
الحديث الثالث:
461 - علي ، وعمار "أنهما صليا خلف رسول الله فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم" . عن
الحديث الرابع:
462 - ، قال: "لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وفي لفظ لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر في السورتين ببسم الله" ابن عباس وقد رواه عن علي رضي الله عنه قال [ ص: 353 ] "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعا"
الحديث الخامس:
463 - عن أنس ، قال وقد روى مثل هذا "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم" ابن عباس وفي لفظ عن وعائشة أنس وأبو بكر ، وعمر يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم" . "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحديث السادس:
364 - عن سمرة ، قال "كانت للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان: إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وسكتة إذا فرغ من القراءة" .
الحديث السابع:
465 - الحكم بن عمير ، قال: "صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الليل وصلاة الغداة وصلاة الجمعة" . عن
الحديث الثامن:
466 - عن "أن عبيد بن رفاعة معاوية قدم المدينة فصلى بالناس صلاة فجهر بها بالقراءة قرأ أم الكتاب ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم ركع ولم يكبر ثم قام في الثانية فلم يكبر فلما صلى وسلم ناداه المهاجرون والأنصار من كل ناحية يا معاوية أسرقت صلاتك أم نسيت؟ أين بسم الله الرحمن الرحيم حين افتتحت أم القرآن؟ وأين الله أكبر حين وضعت جبينك وحين قمت؟ فلما صلى بهم الصلاة الأخرى قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكبر حين سجد وحين قام" قالوا: وأما الصحابة فقد ذكرنا عن أنس رواية الجهر عن أبي بكر ، وعمر وروى "أن ابن المسيب أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم" . وروى عطاء الخرساني ، قال: صليت خلف وعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم" . وروى علي بن أبي طالب ضميرة عن علي ، قال: "من لم يجهر في صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم فقد خدج صلاته" . وقال صالح بن نبهان: "صليت خلف أبي قتادة ، ، وأبي سعيد ، وأبي هريرة فكانوا يجهرون . وكذلك روي عن وابن عباس . ابن عمر
المسلك الرابع: الترجيح. فقالوا: نرجح أحاديثنا على أحاديثكم من خمسة أوجه: أحدها: أن أخباركم رواها صحابيان وأخبارنا رواها أربعة عشر صحابيا. والثاني: أن ما [ ص: 354 ] رواه الصحابيان يحمل على ما سبق بيانه وأخبارنا صريحة لا تحتمل. والثالث: أن أخباركم شهادة على نفي وكيف يؤخذ حكم من عدم سماع وأخبارنا شهادة على إثبات والإثبات مقدم كما قدمنا قول دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلى وعلى قول أسامة لم يصل. والرابع: أن أخبارنا تقتضي الزيادة والأخذ بالزائد أولى. والخامس: أنه يمكننا الجمع بين الأحاديث فنقول كان يفتتح بالحمد -أي بالسورة- ولم يسمع منه الجهر من أنكره وسمعه من رواه ، وأنتم لا يمكنكم إثبات روايتنا إلا بإسقاط روايتكم. بلال
والجواب: أما المسلك الأول: فإن التعرض بالطعن لحديث أنس لا وجه له لاتفاق الأئمة على صحته ، ومعارضته بما لا يقارب سنده في الصحة قبيح بمن يدعي علم النقل.
وأما حديث أبي سلمة فجوابه من ثلاثة أوجه: أحدها: أن حديثنا في الصحاح بخلافه فلا يقوى على المعارضة. والثاني: أنه يحتمل أن يكون أنس نسي في تلك لكبره ، وكم ممن حدث ونسي؟ وقد صرح أنس بمثل هذا فسئل يوما عن مسألة فقال: عليكم بالحسن فسلوه فإنه حفظ ونسينا. والثالث: أنه يحتمل أن يكون مراد السائل أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها في الصلاة أو يتركها أصلا فلا يكون هذا سؤالا عن الجهر بها.
وأما حديث فرجاله ثقات ابن مغفل وقيس بن عباية قد ذكره في تاريخه ، وقال البخاري لا أعلم أحدا رماه ببدعة في دينه ولا كذب في روايته. وأما أبو بكر الخطيب ابن عبد الله بن مغفل فاسمه يزيد وقد ذكره في تاريخه. البخاري
وأما المسلك الثاني: وقولهم "ليس ذكر الجهر في الصحيح" قلنا: رجاله رجال الصحيح فيلزم أن يحكم بصحته. وقولهم يحتمل أنهم ما كانوا يجهرون بها كالجهر بالسورة قد ذكرنا في حديث أنس أنهم ما كانوا يذكرونها وفي حديث عائشة وقولهم هو شهادة على النفي. قلنا: هذا هو في معنى الإثبات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إلى "كان يفتتح القراءة بالحمد" المدينة ولأنس عشر سنين ومات وله عشرون سنة فكيف يتصور أن يصلي خلفه عشر سنين ولا يسمعه يوما من الدهر يجهر ثم قدروا وقوع هذا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف وهو رجل في زمن أبي بكر ، وعمر وكهل في زمن عثمان مع تقدمه في زمانهم وروايته للحديث. وأما فإنه كان رجلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ممن بايع تحت الشجرة وكان يومئذ يمد أغصانها يظلل بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من البكائين وبعثه عبد الله بن المغفل عمر إلى أهل البصرة يفقههم ويؤكد هذا أن عمر كان جهوري الصوت فلو خفي من الكل لم يخف منه. وقولهم: لولا سماعهم ما نقلوا الإخفات. قلنا: يحتمل علمهم بالإخفات أمرين: أحدهما: أن يكون الراوي قريبا من [ ص: 355 ] الإمام فيسمع ما يخافت به وذلك لا يسمى جهرا. والثاني: أن يكونوا علموا بقول منفرد وتعليم منفصل عن الصلاة كما علموا الاستفتاح والتعوذ. وقولهم: "المراد بقوله: يفتتحون بالحمد أي بالسورة". قلنا: البسملة ليست من السورة على ما سبق بيانه.
وأما المسلك الثالث: فجوابه أن جميع أحاديثكم ضعاف وأثبتها حديث نعيم ولا حجة فيه لأنه حكى أن قرأها ولم يقل جهر بها فجائز أن يكون سمعها في مخافتته لقربه منه. أبا هريرة
وأما الحديث الثاني: فاللفظ الأول منه: قال فيه لا يعرف إلا أبو أحمد بن عدي الحافظ: بأبي أويس المدني ، قال كان يحيى بن معين: يسرق الحديث. أبو أويس
وأما اللفظ الثاني فيرويه وأجمعوا على ترك حديثه ثم نحمله على أنه قرأها من غير جهر. خالد بن إلياس
وأما لفظ حديث النعمان فيرويه ، وقال فطر بن خليفة السعدي هو غير ثقة.
وأما الحديث الثالث: فيرويه إسماعيل بن أبان ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أما أبي الطفيل. إسماعيل فقال أحمد: حدث بأحاديث موضوعة ، وقال يحيى: هو كذاب قال: ولا يكتب حديث عمرو بن شمر ولا حديث جابر. وأما فكان مغيرة يكره الرواية عنه. أبو الطفيل
وأما الرابع: فاللفظان عن يرويهما ابن عباس عمر بن حفص وقد أجمعوا على ترك حديثه. ولفظ حديث علي يرويه عيسى بن عبد الله بن محمد بن علي ، قال ولا يتابع عليه. ابن عدي
وأما الخامس فاللفظ الأول: يرويه أحمد بن محمد اليمامي ، قال حدث بأحاديث مناكير عن الثقات ونسخ عجائب. ابن عدي
ولفظ حديث الموافق له قد رواه ابن عباس ، قال سعيد بن خثيم وأحاديثه ليست بالمستقيمة ، ورواه ابن عدي: شريك وكان لا يعبأ يحيى القطان بشريك ، وقال ابن المبارك ليس حديثه بشيء ورواه أيضا الحسن بن عنبر الوشاء ، قال حدث بأحاديث أنكرت عليه. ابن عدي:
وأما لفظ حديث الموافق له فيرويه عائشة العباس بن الفضل من حديث ويرويه أبي الجوزاء الحكم بن عبد الله من حديث القاسم كلاهما عنها قال يحيى: العباس [ ص: 356 ] والحكم ليسا بثقة ، وقال أحاديث ابن عدي: الحكم موضوعة. منها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر".
وأما لفظ الثاني: عن أنس فيرويه ، قال إسماعيل المكي لا يكتب حديثه. ابن المديني:
وأما لفظ بريدة الموافق له فيرويه عمرو بن شمر ، عن جابر وقد ذكرنا قول يحيى فيهما.
وأما اللفظ الثالث عن أنس فيرويه وقد ضعفه الحجاج بن أرطاة يحيى وغيره وفي الجملة لا يثبت عن أنس شيء من هذا بل قد صحت الأحاديث عنه بخلافه قولا وفعلا.
وأما السادس: فذكر السكتة بعد البسملة غلط ، وقد رواه أحمد ، وأبو داود على الصحة والدارقطني سمرة فقال: "حفظت سكتتين من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، سكتة إذا كبر الإمام ، وسكتة إذا فرغ من الفاتحة ، . عن
وأما السابع فرواه موسى بن أبي حبيب وليس بمعروف.
وأما الثامن فيرويه صاعد بن طالب بن نواس يرفعه كل واحد عن أب إلى أب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم مجاهيل.
وأما التاسع فيرويه ، وقال عبد الله بن عثمان بن خثيم يحيى: أحاديثه ليست بالقوية ، وأما الرواية عن أبي بكر ، وعمر فقد تكلمنا على رواية أنس عنهما ، وأما رواية فيرويها ابن المسيب عثمان بن عبد الرحمن ، عن وقد أجمعوا على تضعيف الزهري عثمان .
ورواية عطاء يرويها عنه ابنه يعقوب وقد ضعفه أحمد ، ويحيى .
وأما رواية حسين فقد أجمعوا على تكذيبه .
وأما المروي ، عن فهو من طريق ابن عمر أبي سعد البقال ، وعمر بن نافع وقد ضعفهما يحيى ، وقال ليسا بشيء. النسائي:
وأما المأثور عن فمن طريق ابن عباس أيضا أبي سعد وشريك وقد بينا القدح فيهما. وقول صالح مردود لأن ، قال: ليس بثقة. مالكا
وهذه الأحاديث في الجملة لا يحسن بمن له علم بالنقل أن يعارض بها الأحاديث [ ص: 357 ] الصحاح ولولا أن يعرض للمتفقه شبهة عند سماعها فيظنها صحيحة لكان الإضراب عن ذكرها أولى ، ويكفي في هجرانها إعراض المصنفين للمسانيد والسنن عن جمهورها. وقد ذكر منها طرفا في سننه فبين ضعف بعضها وسكت عن بعضها وقد حكى لنا مشايخنا أن الدارقطني لما ورد الدارقطني مصر سأله بعض أهلها تصنيف شيء في الجهر فصنف فيه جزءا فأتاه بعض المالكية فأقسم عليه أن يخبره بالصحيح من ذلك فقال: كل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الجهر فليس بصحيح. فأما عن الصحابة: فمنه صحيح ومنه ضعيف.
ثم تجرد لجمع أحاديث الجهر فأزرى على علمه بتغطية ما ظن أنه لا ينكشف وقد حصرنا ما ذكره وبينا وهنه ووهيه على قدر ما يحتمله التعليق ، ولم نر أحدا ممن صنف تعاليق الخلاف ذكر في تعاليقه ما ذكرنا ، ولعل أكثرهم لا يهتدي إلى ما فعلنا ، وإنما بسطنا الكلام بعض البسط؛ لأن هذه المسألة من أعلام المسائل وهي شعار المذهب من الجانبين ومبناها على النقل ثم إنا بعد هذا نحمل جميع أحاديثهم على أحد أمرين إما أن يكون جهر بها للتعليم أو كما يتفق كما روي "أنه كان يصلي بهم الظهر فيسمعهم الآية والآيتين بعد الفاتحة أحيانا" والثاني: أن يكون ذلك قبل الأمر بترك الجهر فقد روى أبو بكر الخطيب بإسناده عن أبو داود سعيد بن جبير وكان "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم" مسيلمة يدعى رحمان اليمامة فقال أهل مكة: إنما يدعو إله اليمامة فأمر الله رسوله بإخفائها فما جهر بها حتى مات وهذا يدل على نسخ الجهر.
وأما مسلكهم الرابع ، فجوابه أن الاعتماد على ما صح لا على ما كثر رواته وقد دفعنا وجه الاحتمال وبينا أنها شهادة معناها الإثبات وإن ظهرت في صورة النفي بخلاف حديث وإنما تقتضي أخبارهم الزيادة أن لو صحت وهذا جواب قولهم يجمع بين الأحاديث. بلال
مسألة: يجهر الإمام والمأموم بآمين. وقال لا يجهران بها. أبو حنيفة:
لنا حديثان [ ص: 358 ]
الحديث الأول:
467 - أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم ، قال: أنبأنا ، الأزدي ، قالا: أنبأنا والغورجي ، قال: حدثنا الجراحي ، قال: حدثنا ابن محبوب ، قال: حدثنا أبو عيسى الترمذي بندار ، حدثنا [ ص: 359 ] يحيى بن سعيد ، ، قالا: حدثنا وعبد الرحمن بن مهدي سفيان ، عن ، عن سلمة بن كهيل حجر بن عنبس ، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم- "قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضآلين فقال: آمين مد بها صوته" وائل بن حجر قال عن : هذا حديث صحيح. قالوا: قد رواه الدارقطني فقال فيه: وأخفى بها صوته. شعبة
والجواب: أن ، قال: يقال إن الدارقطني وهم فيه لأن شعبة ، سفيان الثوري ومحمد بن سلمة ، وابن كهيل وغيرهما رووه عن سلمة فقالوا: وهو الصواب. "ورفع صوته بآمين"
الحديث الثاني:
468 - أخبرنا ، قال: أنبأنا ابن عبد الخالق ، قال: أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، قال: حدثنا أبو بكر بن بشران ، قال: حدثنا علي بن عمر محمد بن إسماعيل الفارسي ، حدثنا ، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح إسحاق بن إبراهيم ، قال: حدثني عمرو بن الحارث ، قال: حدثني ، عن عبد الله بن سالم الزبيري ، قال: أخبرني ، عن الزهري أبي سلمة ، وسعيد عن ، قال أبي هريرة قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: آمين" : هذا إسناد حسن وقد روي هذا الحديث عن الدارقطني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن الراوي ابن عمر وهو متروك فلا يحتج به . بحر السقاء