الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
576 - وقال أبو عبيد في حديث عمر [رضي الله عنه ] : "ما يمنعكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس ألا تعربوا عليه!

قالوا : نخاف لسانه .

قال : ذلك أدنى ألا تكونوا شهداء! " .

قال : حدثناه أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن زيد بن صوحان ، عن عمر [ ص: 151 ] .

قال أبو زيد ، والأصمعي : قوله : ألا تعربوا عليه يعني أن تفسدوا عليه كلامه ، وتقبحوه له ، قال أوس بن حجر :


ومثل ابن عثم إن ذحول تذكرت وقتلى تياس عن صلاح تعرب

قال أبو عبيد : وتعرب يعني أنها تفسد المصالحة ، وتنكل عنها .

وقد يكون التعريب من الفحش ، وهو قريب من هذا المعنى .

ومنه قول ابن عباس .

قال : حدثناه سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله [تعالى ] فلا رفث ولا فسوق .  

قال : الرفث الذي ذكر هاهنا ليس بالرفث الذي ذكر في موضع آخر ، هو التعريض بذكر النكاح ، وهو العرابة في كلام العرب .

وقوله : العرابة : كأنه اسم موضوع من التعريب ، وهو ما قبح من الكلام وكذلك الإعراب ، يقال منه أعربت إعرابا .

ومنه قول عطاء : إنه كره الإعراب للمحرم .

قال : حدثنيه ابن مهدي : عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن عطاء [ ص: 152 ] .

وقال رؤبة بن العجاج :

والعرب في عفافة وإعراب

قوله : والعرب يعني المتحببات إلى الأزواج ، واحدتها عروب ، والإعراب من الفحش ، فمعناه أنه يقول : إنهن يجمعن العفافة عند الغرباء ، والإعراب عند الأزواج .

وهذا كقول الفرزدق :


يأنسن عند بعولهن إذا خلوا     وهموا إذا خرجوا فهن خفار

وقد روي في بعض الحديث : "خير النساء المتبذلة لزوجها الخفرة في قومها " .

التالي السابق


الخدمات العلمية