578 - وقال في حديث أبو عبيد [رضي الله عنه ] : "حين أتاه رجل يسأله ، فقال : هلكت وأهلكت . عمر
فقال عمر : اسكت ، أهلكت وأنت تنث نثيت الحميت .
وبعضهم يرويه بالميم "تمث" ولا أرى المحفوظ إلا بالنون .
ثم قال : أعطوه ربعة من الصدقة ، فخرجت يتبعها ظئراها " .
قال : حدثنيه أزهر بن حفص ، عن قيل بن عرادة ، عن جراد بن طارق ، عن عمر .
قال : وحدثنيه عن يزيد بن هارون ، عن الصعق بن حزن ، قيل بن عرادة ، عن جراد بن شييط - ولم يقل : ابن طارق - عن عمر .
وزاد فيه "يزيد" قال فقال : بعد ما أمر له بربعة يتبعها ظئراها .
قال : ثم أنشأ يحدثنا بعد عن نفسه فقال : "لقد رأيتني أنا وأختا لي ، نرعى على أبوينا ناضحا لنا ، قد ألبستنا أمنا نقبتها ، وزودتنا يمينتيها من الهبيد ، فنخرج بناضحنا ، فإذا طلعت الشمس ألقيت النقبة إلى [ ص: 155 ] أختي ، وخرجت أسعى عريانا ، فنرجع إلى أمنا ، وقد جعلت لنا لفيتة من ذلك الهبيد فيا خصباه " . عمر
قوله : تنث . النثيث : أن يعرق ، ويرشح ، من عظمه وكثرة لحمه .
يقال منه : نث الرجل ينث نثيثا ، ويقال : نث الرجل الحديث ينثه نثا ، هذا بالضم وذاك بالكسر .
وأما الحميت ، فزعم الأحمر أنه الزق المشعر الذي يجعل فيه السمن والعسل والزيت ، وجمعه حمت ، وهو الذي يقال له : النحى ، وجمعه أنحاء .
قال وأما الزق الذي يجعل فيه اللبن ، فهو الوطب ، وجمعه وطاب . وما كان منها للشراب ، فهي الذوارع ، واسم الزق يجمع ذلك كله . أبو عبيد :
وأما ما كان للماء فهي الأسقية .
وقوله : أعطوه ربعة ، فالربعة ما ولد في أول النتاج ، والذكر ربع .
و [أما ] قوله : ناضحا لنا . الناضح : هو البعير الذي يسنى عليه ، فتسقى به الأرضون ، والأنثى ناضحة ، قالها وهي السانية أيضا ، وجمعها سوان . وقد سنت تسنو ، ولا يقال : ناضح لغير المستقى [ ص: 156 ] . "الكسائي " .
وقوله : ألبستنا نقبتها : فإن النقبة : أن تؤخذ القطعة من الثوب قدر السراويل ، فتجعل لها حجزة مخيطة من غير نيفق ، وتشد كما تشد حجزة السراويل ، فإذا كان لها نيفق وساقان ، فهي سراويل ، وإذا لم يكن لها نيفق ولا ساقان ولا حجرة ، فهو النطاق ، وذلك : أن تأخذ المرأة الثوب . فتشتمل به ، ثم تشد وسطها بخيط ، ثم ترسل الأعلى على الأسفل ، فهذا النطاق فيما فسره لي أبو زياد الكلابي ، وبه سميت "ذات النطاقين" وقال بعض الناس : إنما سميت بذلك أنها كانت تطارق نطاقا بنطاق استتارا . ويقال : بل كان لها نطاقان ، فكان أحدهما عليها كما تنتطق المرأة . وكان الآخر تجعل فيه طعاما تأتي به رسول الله [صلى الله عليه وسلم ] أسماء بنت أبي بكر [رضي الله عنه ] وهما في الغار . وأبا بكر
وقوله : زودتنا يمينتيها من الهبيد - هكذا جاء الحديث ، ولكن الوجه في الكلام أن يكون يمينتيها - بالتشديد ؛ لأن تصغير يمين ، وتصغير الواحدة يمين بلا هاء .
وإنما قال : يمينتيها ، ولم يقل : يديها ، ولا كفيها ؛ لأنه لم يرد أنها جمعت كفيها ثم أعطتهما بجميع الكفين ، ولكنه أراد أنها أعطت كل واحد كفا واحدة بيمينها ، فهاتان يمينان ، [ولو جمعتهما لكانتا يمينا وشمالا ] .
وأما قوله : الهبيد ، فإنه حب الحنظل ، زعموا أنه يعالج حتى يمكن أكله ، ويطيب [ ص: 157 ] .
يقال منه : تهبد الرجل ، وتهبد الظليم تهبدا : إذا أخذه من شجره .
وأما اللفيتة ، فإنها : ضرب من الطبيخ ، لا أقف على حده ، وأراه كالحساء ونحوه .