الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
579 - وقال أبو عبيد في حديث عمر [رضي الله عنه ] حين خرج إلى الاستسقاء ، فصعد المنبر ، فلم يزد على الاستغفار حتى نزل ،  فقيل له : إنك لم تستسق ، فقال : "لقد استسقيت بمجاديح السماء " .

قال : حدثناه هشيم ، وأبو يوسف جميعا قالا : أخبرنا مطرف [بن طريف ] ، عن الشعبي ، عن عمر .

قال "أبو عمرو " : المجاديح ، واحدها مجدح ، وهو : نجم من النجوم كانت العرب : تقول : إنه يمطر به . كقولهم في الأنواء .

قال : فسألت عنه الأصمعي ، فلم يقل فيه شيئا ، وكره أن يتأول على عمر مذهب الأنواء [ ص: 158 ] .

وقال الأموي : يقال فيه أيضا : إنه المجدح - بالضم - وأنشدنا :


وأطعن بالقوم شطر الملو ك حتى إذا خفق المجدح

والذي يراد من هذا الحديث أنه جعل الاستغفار استسقاء ، يتأول قول الله - تبارك وتعالى - استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا

وإنما نرى أن "عمر " تكلم بهذا على أنها كلمة جارية على ألسنة العرب ، ليس على تحقيق الأنواء ، ولا [على ] التصديق بها .

وهذا شبيه بقول ابن عباس [رحمه الله ] - في رجل جعل أمر امرأته بيدها ، فطلقته ثلاثا ، فقال : خطأ الله نوءها ، ألا طلقت نفسها ثلاثا " .

ليس هذا منه دعاء عليها ألا تمطر ، إنما هو على الكلام المقول .

ومما يبين لك أن عمر أراد إبطال الأنواء ، والتكذيب بها ، قوله : "لقد استقيت بمجاديح السماء التي يستنزل بها الغيث " فجعل الاستغفار هو المجاديح ، لا الأنواء [ ص: 159 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية