610 - وقال في حديث أبو عبيد [رضي الله عنه ] حين قال للرجل الذي وجد منبوذا ، فأتاه به ، فقال عمر "عسى الغوير أبؤسا " . عمر :
فقال عريفه : يا أمير المؤمنين : إنه وإنه ، فأثنى عليه خيرا .
فقال : هو حر ، وولاؤه لك .
قال : حدثناه يزيد ، عن محمد بن إسحاق ، عن عن الزهري ، سنين أبي جميلة : أنه وجد منبوذا ، فأتى به ثم ذكر الحديث [ ص: 219 ] . عمر ،
قال "قوله : عسى الغوير أبؤسا " الأبؤس : جمع البأس ، وأصل هذا أنه كان غار فيه ناس ، فانهار [الغار ] عليهم . الأصمعي :
أو قال : فأتاهم فيه عدو [لهم ] فقتلوهم ، فصار مثلا لكل شيء يخاف أن يأتي منه شر ، ثم صغر الغار ، فقيل : غوير .
[حدثنا ] ، قال : وأخبرنا أبو عبيد بغير هذا . ابن الكلبي
قال : الغوير : ماء لكلب معروف يسمى الغوير ، وأحسبه قال : هو ناحية السماوة .
قال : وهذا المثل إنما تكلمت به الزباء ، وذلك أنها لما وجهت قصيرا اللخمي بالعير ، ليحمل لها من بر العراق وألطافه ، وكان يطلبها بزحل جذيمة الأبرش ، فجعل الأحمال صناديق ، وقد قيل : غرائر ، وجعل في كل واحد منها رجلا معه السلاح ، ثم تنكب بهم الطريق المنهج ، وأخذ على الغوير ، فسألت عن خبره ، فأخبرت بذلك ، فقالت : "عسى الغوير أبؤسا" تقول : عسى أن يأتي ذلك الطريق بشر ، واستنكرت شأنه ، حين أخذ على غير الطريق .
قال [ ] : وهذا القول عندي أشبه صوابا من القول الأول [ ص: 220 ] . أبو عبيد
وإنما أراد بهذا المثل أن يقول للرجل : لعلك صاحب هذا المنبوذ ، حتى أثنى عليه عريفه خيرا . "عمر "
وفي هذا الحديث من الفقه : أنه جعل ولم يجعله مملوكا لواجده ، ولا للمسلمين . المنبوذ حرا ،
وأما قوله للرجل : لك ولاؤه ؛ فإنما نراه فعل ذلك ؛ لأنه لما التقطه ، فأنقذه من الموت ، وأنقذه من أن يأخذه غيره ، فيدعي رقبته ، جعله مولاه لهذا ؛ لأنه كأنه الذي أعتقه .
وهذا حكم تركه الناس ، وصاروا إلى أن جعلوا حرا ، وجعلوا ولاءه للمسلمين ، وجريرته عليهم .
وفي هذا الحديث من العربية : أنه نصب أبؤسا ، وهو في الظاهر في موضع رفع ، وإنما نرى أنه نصب ؛ لأنه على طريق النصب ، ومعناه ، كأنه أراد : عسى الغوير أن يحدث أبؤسا ، أو أن يأتي بأبؤس ، فهذا طريق النصب ، ومما يبينه قول "الكميت " :
عسى الغوير بإباس وإغوار