( فصل ) :
وأما شرائط جواز القسمة فأنواع : بعضها يرجع إلى القاسم ، وبعضها يرجع إلى المقسوم ، وبعضها يرجع إلى المقسوم له .
( أما ) الذي يرجع إلى القاسم فنوعان : نوع هو شرط الجواز ونوع : هو شرط الاستحباب أما فأنواع : منها العقل ، فلا تجوز قسمة المجنون والصبي الذي لا يعقل ; لأن العقل من شرائط أهلية التصرفات الشرعية ، فأما البلوغ فليس بشرط لجواز القسمة حتى تجوز قسمة الصبي الذي يعقل القسمة بإذن وليه ، وكذلك الإسلام والذكورة والحرية ليست بشرط لجواز القسمة ، فتجوز قسمة الذمي والمرأة والمكاتب والمأذون ; لأن هؤلاء من أهل البيع فكانوا من أهل القسمة ، والله سبحانه وتعالى أعلم . شرائط الجواز
( ومنها ) الملك والولاية ، فلا تجوز القسمة بدونهما أما الملك فالمعني به : أن يكون القاسم مالكا فيقسم الشركاء بالتراضي .
وأما الولاية فنوعان : ولاية قضاء ، وولاية قرابة ، إلا أن شرط ولاية القضاء الطلب ، فيقسم القاضي وأمينه على الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والمسلم والذمي ، والحر والعبد ، والمأذون والمكاتب ، عند طلب الشركاء كلهم أو بعضهم - على ما نذكره - ولا يشترط ذلك في ولاية القرابة ، فيقسم الأب ووصيه ، والجد ووصيه ، على الصغير والمعتوه ، من غير طلب أحد ، والأصل فيه أن كل من له ولاية البيع فله ولاية القسمة ، ومن لا فلا ، ولهؤلاء ولاية البيع فكانت لهم ولاية القسمة ، وكذا القاضي له ولاية بيع مال الصغير والكبير في الجملة ، فكان له ولاية القسمة في الجملة .
( وأما ) وصي الأم ووصي الأخ والعم فيقسم المنقول دون العقار ; لأن له ولاية بيع المنقول دون العقار ، وفي وصي المكاتب إذا مات عن وفاء أنه هل يقسم ؟ فيه روايتان ، وهذا كله يقرر ما قلنا : إن معنى المبادلة لازم في القسمة ، حيث جعل سبيله سبيل البيع في الولاية ، ولا يقسم وصي الميت على الموصى له ; لانعدام ولايته عليه ، وكذا لا يقسم الورثة عليه ; لانعدام ولايتهم عليه ; لأن الموصى له كواحد من الورثة ، ولا يقسم بعض الورثة على بعض ; لانعدام الولاية فلا يقسمون على الموصى له ، ولو اقتسموا وهو غائب نقضت قسمتهم ، لكن هذا إذا كانت القسمة بالتراضي ، فإن [ ص: 19 ] كانت بقضاء القاضي - تنفذ ولا تنقض ; لما نذكره في موضعه ، إن شاء الله تعالى .