( فصل ) :
وأما فشيئان : أحدهما - أن يكون محصنا رجلا كان أو امرأة الذي يرجع إلى المقذوف خمسة : العقل والبلوغ والحرية والإسلام والعفة عن الزنا ، فلا يجب الحد بقذف الصبي والمجنون والرقيق والكافر ومن لا عفة له عن الزنا . وشرائط إحصان القذف
أما العقل والبلوغ ; فلأن الزنا لا يتصور من الصبي والمجنون فكان قذفهما بالزنا كذبا محضا فيوجب التعزير لا الحد .
وأما الحرية ; فلأن الله سبحانه وتعالى شرط الإحصان في آية القذف ، وهي قوله تبارك وتعالى { والذين يرمون المحصنات } والمراد من المحصنات ههنا الحرائر لا العفائف عن الزنا ، فدل أن الحرية شرط ، ولأنا لو أوجبنا على قاذف المملوك الجلد ; لأوجبنا ثمانين ، وهو لو أتى بحقيقة الزنا لا يجلد إلا خمسين وهذا لا يجوز ; لأن القذف نسبة إلى الزنا وأنه دون حقيقة الزنا .
وأما الإسلام والعفة عن الزنا ; فلقوله تعالى { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات } والمحصنات الحرائر ، والغافلات العفائف عن الزنا ، والمؤمنات معلومة فدل أن الإيمان والعفة عن [ ص: 41 ] الزنا والحرية شرط ، ودلت هذه الآية على أن المراد من المحصنات في هذه الآية الحرائر لا العفائف ; لأنه سبحانه وتعالى جمع في هذه الآية بين المحصنات والغافلات في الذكر والغافلات العفائف ; فلو أريد بالمحصنات العفائف لكان تكرارا ; ولأن الحد إنما يجب لدفع العار عن المقذوف ، ومن لا عفة له عن الزنا لا يلحقه العار بالقذف بالزنا ، وكذا قوله عليه الصلاة والسلام { } يدل على أن الإسلام شرط ; ولأن الحد إنما وجب بالقذف دفعا لعار الزنا عن المقذوف ، وما في الكافر من عار الكفر أعظم ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . من أشرك بالله فليس بمحصن