( وأما ) صفات النصاب    ( فمنها ) أن تكون الدراهم المسروقة جيادا حتى لو سرق عشرة زيوفا ، أو نبهرجة ، أو ستوقة لا يقطع إلا أن تكون كثيرة تبلغ قيمة عشرة جياد ، وكذلك المسروق من غير الدراهم إذا كان لا تبلغ قيمته قيمة عشرة دراهم جياد لا يقطع ; لأن مطلق اسم الدراهم في الأحاديث ينصرف إلى الجياد . 
( ومنها ) أن يعتبر عشرة دراهم وزن سبعة كذا قالوا ; لأن اسم الدراهم عند الإطلاق يقع على ذلك ، ألا ترى أنه قدر به النصاب في الزكوات ، والديات ، وكذا الناس أجمعوا على هذا في ، وزن الدراهم . 
ولأن هذا أوسط المقادير ; لأن الدراهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت صغارا ، وكبارا فإذا جمع صغير ، وكبير كانا درهمين من وزن سبعة ، فكان هذا الوزن هو أوسط المقادير فاعتبر به لقوله عليه الصلاة والسلام { خير الأمور أوساطها :   } ، وهل يعتبر أن تكون مضروبة ؟ ذكر  الكرخي    - عليه الرحمة - أنه يعتبر عشرة دراهم مضروبة ، وهكذا روى بشر  عن  أبي يوسف  ،  وابن سماعة  عن  محمد  حتى لو كان تبرا قيمته عشرة دراهم مضروبة لا يقطع ، وروى الحسن  عن  أبي حنيفة    - عليهم الرحمة - أن السارق إذا سرق عشرة دراهم مما يجوز بين الناس ، ويروج في معاملاتهم  قطع ، وهذا يدل على أن كونها مضروبة ليس بشرط . 
بل يقطع في المضروبة ، وغيرها إذا كان مما يجوز بين الناس ، ويروج في معاملاتهم لهما أن تقدير نصاب السرقة وقع بالدراهم ، أو تقويم المجن ، وقع بالدراهم ، والدراهم اسم للمضروبة ، والتبر ليس بمضروب ، ولا في معنى المضروب في المالية أيضا ; لأنه ينقص عنه في القيمة فأشبه نقصان الوزن ،  وأبو حنيفة    - رحمه الله - اعتبر الجواز ، والرواج في معاملات الناس فأجرى به التعامل بين الناس ، يستوي في نصابه المضروب ، والصحيح ، والمكسر كما في نصاب الزكاة فما قاله  أبو حنيفة    - رحمه الله - أقرب إلى القياس ، وما قاله  أبو يوسف  ،  ومحمد  أقرب إلى الاحتياط في باب الحدود ، ثم كمال النصاب في قيمة المسروق يعتبر وقت السرقة لا غير ، أم وقت السرقة ، والقطع جميعا ؟ . 
وفائدة هذا تظهر فيما  [ ص: 79 ] إذا كانت قيمة المسروق كاملة وقت السرقة ، ثم نقصت أنه هل يسقط القطع ؟  فجملة الكلام فيه : أن نقصان المسروق لا يخلو إما أن كان نقصان العين بأن دخل المسروق عيب ، أو ذهب بعضه . 
( وإما ) أن كان نقصان السعر فإن كان نقصان العين يقطع السارق ، ولا يعتبر كمال النصاب وقت القطع ، بل وقت السرقة بلا خلاف ; لأن نقصان عينه هلاك بعضه ، وهلاك الكل لا يسقط القطع ، فهلاك البعض أولى ، وإن كان نقصان السعر - ذكر  الكرخي    - رحمه الله - : لا يقطع في ظاهر الرواية ، وتعتبر قيمته في الوقتين جميعا . 
وروى  محمد    - رحمه الله - أنه يقطع ، وهكذا ذكر  الطحاوي    - رحمه الله - : أنه تعتبر قيمته وقت الإخراج من الحرز ، وهو قول  الشافعي    - رحمه الله - . 
( وجه ) هذه الرواية أن نقصان السعر دون نقصان العين ; لأن ذلك لا يؤثر في المحل ، وهذا يؤثر فيه ، ثم نقصان العين لم يؤثر في إسقاط القطع ، فنقصان السعر أولى 
( وجه ) ظاهر الرواية على ما ذكره  الكرخي    - رحمه الله - الفرق بين النقصانين . 
( ووجه ) الفرق بينهما أن نقصان السعر يورث شبهة نقصان في المسروق وقت السرقة ; لأن العين بحالها قائمة لم تتغير ، وتغير السعر ليس بمضمون على السارق أصلا فيجعل النقصان الطارئ كالموجود عند السرقة ، بخلاف نقصان العين ; لأنه يوجب تغير العين إذ هو هلاك بعض العين ، وهو مضمون عليه في الجملة فلا يمكن تقدير وجوده وقت السرقة ، وكذا إذا سرق في بلد فأخذ في بلد آخر ، والقيمة فيه أنقص  ذكر  الكرخي    - رحمه الله - : أنه لا يقطع حتى تكون القيمة جميعا في السعر عشرة دراهم ، وعلى رواية  الطحاوي    - رحمه الله - : تعتبر قيمته وقت السرقة لا غير ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					